(١) يُنظر: "المحلى بالآثار" لابن حزم (١٢/ ٣١٠)؛ حيث قال: "ونحن نشهد بشهادة الله تعالى أن الله عز وجل لو أراد أن لا يقطع السارق حتى يسرق من حرز ويخرجه من الدار لما أغفل ذلك، ولا أهمله، ولا أعنتنا بأن يكلفنا علم شريعة لم يطلعنا عليه، ولبينه على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - إما في الوحي، وإما في النقل المنقول. فإذ لم يفعل الله تعالى ذلك، ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم - فنحن نشهد، ونبت، ونقطع -بيقين لا يمازجه شك- أن الله تعالى لم يرد قط، ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم - اشتراط الحرز في السرقة. إذ لا شك في ذلك فاشتراط الحرز فيها باطل بيقين لا شك فيه، وشرع لما لم يأذن الله تعالى به، وكل ما ذكرنا فإنما يلزم من قامت عليه الحجة ووقف على ما ذكرنا؛ لأن من سلف ممن اجتهد فأخطأ مأجور -وبالله تعالى التوفيق. وأما الإجماع فإنه لا خلاف بين أحد من الأمة كلها في أن السرقة هي الاختفاء بأخذ الشيء ليس له، وأن السارق هو المختفى بأخذ ما ليس له، وأنه لا مدخل للحرز فيما اقتضاه الاسم، فمن أقحم في ذلك اشتراط الحرز فقد خالف الإجماع على معنى هذه اللفظة في اللغة، وادعى في الشرع ما لا سبيل له إلى وجوده، ولا دليل على صحته.=