للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطرق أو الصحراء، فإن لم يكن فيها أحد فليست حرزًا، سواء كانت مغلقة أو مفتوحة؛ لأن من ترك متاعه في مكان خال من الناس والعمران، وانصرف عنه لا يعد حافظًا له، وإن أغلق عليه. وإن كان فيها أهلها أو حافظ، فهي حرز، سواء كانت مغلقة أو مفتوحة. وإذا كان لابسًا للثوب، أو متوسدًا له، نائمًا، أو مستيقظًا، أو مفترشًا له، أو متكئًا عليه، في أي موضع كان من البلد، أو برية، فهو محرز؛ بدليل أن رداء صفوان سرق وهو متوسد له، فقطع النبي - صلى الله عليه وسلم - سارقه.

وإن تدحرج عن الثوب، زال الحرز إن كان نائمًا، وإن كان الثوب بين يديه، أو غيره من المتاع، كبز البزازين، وقماش الباعة، وخبز الخبازين، بحيث يشاهده، وينظر إليه، فهو محرز، وإن نام، أو كان غائبًا عن موضع مشاهدته، فليس بمحرز. وإن جعل المتاع في الغرائر، وعلم عليها، ومعها حافظ يشاهدها، فهي محرزة، وإلا فلا.

(وَمِنْهَا اخْتِلَافُهُمْ فِي الْقَبْرِ هَلْ هُوَ حِرْزٌ حَتَّى يجِبَ الْقَطْعُ عَلَى النَّبَّاشِ؟ أَوْ لَيْسَ بِحِرْزٍ؟ فَقَالَ مَالِكٌ (١)، وَالشَّافِعِيُّ (٢)، وَأَحْمَدُ (٣)، وَجَمَاعَةٌ: "هُوَ حِرْزٌ، وَعَلَى النَّبَّاشِ الْقَطْعُ "، وَبِهِ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ (٤).


(١) يُنظر: "المدونة" (٤/ ٥٣٧)؛ حيث فيها: "قلت: أرأيت النباش أيقطع في قول مالك؟ قال: قال مالك: نعم إذا أخرجه من القبر قطع. وقد قال مثل قول مالك سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز وربيعة وعطاء والشعبي ".
(٢) يُنظر: "الأم" للشافعي (٦/ ١٦١)؛ حيث قال: ويقطع النباش إذا أخرج الكفن من جميع القبر؛ لأن هذا حرز مثله. وإن أخذ قبل أن يخرجه من جميع القبر لم يقطع ما دام لم يفارق جميع حرزه ".
(٣) يُنظر: "مختصر الخرقي" (ص: ١٣٥)؛ حيث قال: "وإذا أخرج النباش من القبر كفنًا قيمته ثلاثة دراهم قطع ".
(٤) أخرج عبد الرزاق في "مصنفه" (١٨٨٨٣): عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدْ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَي الْغَسَّانِيُّ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي النَّبَّاشِ "فَكَتَبَ إِلَيَّ أَنَّهُ سَارِقٌ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>