للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (١): " لَا قَطْعَ عَلَيْهِ ". وَكَذَلِكَ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ (٢)، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ (٣)).

إذا أخرج النباش من القبر كفنًا قيمته ثلاثة دراهم قُطع، وبه قال مالك، والشافعي.

ودليلهم: قول الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨].

وهذا سارق، فإن عائشة - رضي الله عنها - قالت: سارق أمواتنا كسارق أحيائنا.

وقال أبو حنيفة: لا قطع عليه؛ لأن القبر ليس بحرز؛ لأن الحرز ما يوضع فيه المتاع للحفظ، والكفن لا يوضع في القبر لذلك؛ ولأنه ليس بحرز لغيره، فلا يكون حرزًا له، ولأن الكفن لا مالك له؛ لأنه لا يخلو إما أن يكون ملكًا للميت أو لوارثه، وليس ملكًا لواحد منهما؛ لأن الميت لا يملك شيئًا، ولم يبق أهلًا للملك، والوارث إنما ملك ما فضل عن حاجة الميت؛ ولأنه لا يجب القطع إلا بمطالبة المالك أو نائبه، ولم يوجد ذلك.

وما ذكروه لا يصح، فإن الكفن يحتاج إلى تركه في القبر دون غيره، ويكتفى به في حرزه، ألا ترى أنه لا يترك الميت في غير القبر من غير أن يحفظ كفنه، ويترك في القبر وينصرف عنه.

وقولهم: إنه لا مالك له. ممنوع، بل هو مملوك للميت؛ لأنه كان


(١) يُنظر: " شرح مختصر الطحاوي" للجصاص (٦/ ٣٠٤)؛ حيث قال: " (ولا يقطع النباش في قول أبي حنيفة ومحمد، وقال أبو يوسف: يُقطع كما يقطع فيما سرق من الحرز) ".
(٢) أخرج عبد الرزاق في " مصنفه " (١٨٨٨٤): عَنِ الثَّوْرِيِّ، قَالَ: " لَا نَرَى عَلَى النَّبَّاشِ قَطْعًا، وَإِنِ انْطَلَقَ بِهِ إِلَى بَيْتِهِ، لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ دَرَاهِمَ مَدْفُونةٍ فِي الأَرْضِ، لَا نَرَى عَلَيْهِ فِي اسْتِخْراجِهَا قَطْعًا، وَإِنْ أَخَذَ النَّبَّاشُ مِنَ الثِّيَابِ شَيْئًا، عُزِّرَ وَغُرِّمَ ".
(٣) لم أقف عليه مسندًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>