للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تزول الحدود، أما بعد أن نزلت الحدود فقد استقر الحكم في ذلك، وقد درسنا ذلك كله وعرفناه، ولا شك أن هذه إنما أنزلت ليتربَّى المجتمع الإسلامي وليسير على نور من الله تعالى، وليكون أهله مستقيمين على الحق ويسيرون في ظل الفضيلة مبتعدين عن الرذائل، ومن هنا جاءت هذه الحدود تطهيرًا وتأديبًا وصيانةً للمؤمنين.

* قوله: (وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ " أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَامُ - قَطَعَ الرِّجْلَ بَعْدَ الْيَدِ " (١)).

وأيضًا هذا الحديث حقيقةً لا يُعرف، ولكن الذي فعل ذلك هو عمر - رضي الله عنه - وبذلك يكون موقوفًا (٢).

* قوله: (وَعِنْدَ مَالِكٍ (٣) أَنَّهُ يُؤَدَّبُ فِي الْخَامِسَةِ. فَإِذَا ذَهَبَ مَحَلُّ الْقَطْعِ مِنْ غَيْرِ سَرِقَةٍ بِأَنْ كانَتِ الْيَدُ شَلَّاءَ، فَقِيلَ فِي الْمَذْهَبِ (٤): يَنْتَقِلُ الْقَطْعُ إِلَى اليَدِ الْيُسْرَى).

والمراد: لو أن إنسانًا سَرق وكانت يده اليمنى قد قُطعت: إما بسرقة سابقة أو أنها قُطعت لمرض من الأمراض أو أنها كانت شلاء لا يستفيد منها، فهل ينتقل الحكم إلى عضو آخر أو أنه لا يقام عليه الحد في هذه الحالة؟


(١) لم أقف عليه لابن عباس، وأخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (٩/ ٣١٥) عن يحيى بن أبي كثير، قال: كتب نجدة إلى عمر يسأله: هل قطع النبي - صلى الله عليه وسلم - الرجل بعد اليد؟ فكتب إليه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " قد قطع الرجل بعد اليد ".
(٢) تقدم.
(٣) يُنظر: " التلقين " للقاضي عبد الوهاب (ص ٥٠٧) حيث قال: " وفي الرابعة: يمنى رجليه، وفيما بعد ذلك الضرب والحبس ".
(٤) يُنظر: " البيان والتحصيل " لابن رشد الجد (١٦/ ٢٤٩) حيث قال: " على ما اختاره من قول مالك في السارق يسرق وهو أشل اليد اليمنى: إنه يقطع رجله اليسرى على ما كان يقوله أولًا، ثم رجع إلى أن تقطع يده اليسرى ".

<<  <  ج: ص:  >  >>