للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه مسألة أُخرى، ولا شك أن من ينعم الله تعالى عليه في هذه الحياة الدنيا ويرزقه الاستقامة على دينه وينشأ على الفضائل منذ أن كان صغيرًا، فيتربى في بيت كريم وفي أسرة طيبة مباركة، تأخذ بيده إلى طريق الخير وترشده إلى طريق السعادة، فإنه بذلك يكون من الذين يَعجب الله تعالى منهم، أي: من أولئك الشباب الذين ليست لهم صبوة (١)، أي: الذين لا يميلون إلى الفساد ولا يقعون في الموبِقات ولا في المعاصي، فإن أولئك إذا لقوا الله تعالى فإنهم يلقونه وهو راضٍ عنهم، وما أجملها من حياة! أن تبدأ صحيفة الإنسان منذ أن يشب عن الطوق وأن يحصف عقله وأن يصبح رجلًا سويًّا وهو لا يرتكب موبِقة من الموبقات ولم يقع في معصية، ولم يتعدَّى على مؤمن، وإنما تراه يسير في ظل القرآن الكريم وفي هدي سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتراه في هذه الحياة سعيدًا وينتقل في حياته من طور إلى طور، حتى إذا ما غادر الدنيا وانتقل إلى القبر فإنه يلقى ما فيه من النعيم، وإذا جاء الحساب والنقاش يكون من السعداء الذين تبيض وجوههم في يوم تسود فيه وجوه وتبيض وجوه، فلا شك أن هذه سعادة، أما الذين خرجوا عن الطريق السويّ وركبوا طريق الغواية ووقعوا في الموبقات - ومن تلك الموبقات الذين يسرقون أموال الآخرين ويخيفونهم ويتعدون عليهم - فإن عليهم أن يعودوا إلى الله سبحانه وتعالى وأن يتوبوا إليه توبةً نصوحًا؛ فإن الله سبحانه وتعالى يغفر الذنوب جميعًا والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.


= وإذا وهبها منه أو باعها منه قبل أن يترافعا إلى الحاكم .. فإن القطع لا يسقط، ولكن لا يمكن استيفاؤه منه؛ لأنه بالهبة والبيع قد سقطت مطالبته له، والإمام لا يقطع السارق إلا بمطالبة المسروق منه به، فإذا لم يكن من يطالب بالقطع .. لم يكن استيفاء القطع ".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: " المغني " لابن قدامة (٩/ ١٢٨) حيث قال: " أن السارق إذا ملك العين المسروقة بهبة أو بيع أو غيرهما من أسباب الملك، لم يخلُ من أن يملكها قبل رفعه إلى الحاكم، والمطالبة بها عنده، أو بعد ذلك، فإن ملكها قبله، لم يجب القطع ".
(١) أخرجه أحمد (١٧٣٧١) عن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إن الله ليعجب من الشاب ليست له صبوة ". وضعفه الألباني في " ضعيف الجامع " (١٦٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>