للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم تزوجها كان له أجران " (١).

وذلك كما قال الله تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: ٤٠]، ما أجمل العفو أيها الإخوة! إذا أساء إنسان إلى آخر أو تعدَّى عليه ثم قابل ذلك بالعفو، فإنه يترك أثرًا طيبًا بنفس المعفو عنه، وربما يكون سببًا في استقامته فيكون خيرًا للعافي؛ ولذلك قال تعالى: {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} [آل عمران: ١٣٤]، {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [البقرة: ٢٣٧].

* قوله: (وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: " لَوْ كانَتْ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، لَأَقَمْتُ عَلَيْهَا الْحَدَّ ") (٢).

وهذا الحديث الذي مر بنا المتفق عليه أشار المؤلف إلى معناه في قصة المخزومية التي كانت تستعير الحُلِيَّ وأنها انتهت إلى أن سرقَتْها، ورأينا الخلاف في أخذ الحلي وإخفائه: هل يؤدي إلى القطع؟ وأن أكثر الفقهاء (٣) قالوا: هي جمعت بين جحد العارية وبين السرقة، وفي بعض الروايات: " أنها سرقت قطيفةً من بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " (٤)، ولكن ماذا قال


(١) أخرجه البخاري (٢٥٤٧).
(٢) أخرجه البخاري (٣٤٧٥)، ومسلم (١٦٨٨). وقد تقدَّم.
(٣) قال الخطابي في " معالم السنن " (٣/ ٣٠٩): " ويثبت أنها سبب القطع لا جحد العارية، وإنما ذكرت الاستعارة والجحد في هذه القصة تعريفًا لها بخاص صفتها إذ كانت كثيرة الاستعارة حتى عُرفت بذلك كما عرفت بأنها مخزومية إلَّا أنها لما استمر بها هذا الصنع ترقت إلى السرقة وتجرَّأت حيث سرقت فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقطعها ".
ويُنظر: " فتح القدير " لابن الهمام (٥/ ٣٧٣) حيث قال: " القطع كان عن سرقة: صدرت منها بعد أن كانت أيضًا متصفة مشهورة بجحد العارية، فعرفتها عائشة بوصفها المشهور، فالمعنى امرأة كان وصفها جحد العارية فسرقت ".
ويُنظر: " تحفة المحتاج " للخطيب الشربيني (٩/ ١٤٤) حيث قال: " فالقطع فيه ليس للجحد، وإنما ذكر؛ لأنها عرفت به، بل لسرقة ".
ويُنظر: " الممتع شرح المقنع " لابن المنجا (٤/ ٢٨٥) حيث قال: " وأما كون جاحد العارية لا قطع عليه على روايةٍ؛ فلأنه خائن. فلم يجب قطعه ".
(٤) أخرجه أحمد (٢٣٤٧٩)، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (٤٤٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>