للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله عندما قالوا: " ابحثوا عمَّن يشفع في ذلك الحد عند رسول الله " فقالوا: " إن أسامة بن زيد هو حِبُّ رسول الله وابن حِبِّه " فاختاروا أن يشفع لهم، فنظر إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نظرة المُنكِر الموبِّخ فقال: " يا أسامة، أتشفع في حد من حدود الله؟! إنما هلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه، والذي نفسي بيده " وفي رواية: " وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعتُ يدها "، وهذا هو الواجب على كل مسؤول في هذه الحياة الدنيا، فإنه يبدأ بمن حوله؛ ولذلك ذكرت لكم مرات - ولا يمنع أن نكررها - أن عمر - رضي الله عنه - إذا أراد أن يأمر بأمر أو أن ينهى عن شيء أحضر أقاربه بين يديه وقال: " إني سأفعل كذا، سأنهى عن كذا أو سآمر بكذا وإنما سينظرون إليكم كما ينظر الطير إلى فريسته فمن فعل منكم كذا وكذا ضاعفت عقوبته "، أي: زدت عليه العقوبة (١). وهذا هو منهج الإسلام ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت ابنته فاطمة أعزَّ الناس عنده، وهي سيدة نساء أهل الجنة، وبيَّن أنها - وحاشاها أن تسرق - لو حصل ذلك منها فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يتوقف عن إقامة الحد؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تأخذه في الله لومة لائم، وهذا هو شأن المصلحين: لا تأخذهم في الله لومة لائم.

* قوله: (وَقَوْلُهُ لِصَفْوَانَ: " هَلَّا كانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ؟ ") (٢).

وحديث صفوان سيأتي به المؤلف نفسه بأسلوب أطول من ذلك، وسيبين قصته؛ لأنه لما هاجر من مكة إلى المدينة وحذروه بأنه قد هلك إن بقي - وذلك قبل أن يفتحها المسلمون - فهاجر إلى المدينة - كما سيأتي -،


(١) أخرَج هذا الأثر: ابنُ أبي شيبة في مُصنَّفه (٦/ ١٩٩)، وغيرُه، ولفْظُه: عن عبد الله بن عمر، قال: " حدَّثني من سمع سالمًا قال: كان عمر إذا نهى الناس عن شيء جمع أهل بيته فقال: " إني نهيت الناس عن كذا وكذا، أو إن الناس لينظرون إليكم نظر الطير إلى اللحم، وأيم الله، لا أجد أحدًا منكم فعله إلا أضعفتُ له العقوبة ضِعفين ".
(٢) سيأتي تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>