للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قَوْله: (وَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} [المائدة: ٣٣]، فَقِيلَ: إِنَّ النَّفْيَ هُوَ السَّجْنُ. وَقِيلَ: إِنَّ النَّفْيَ هُوَ أَنْ يُنْفَى مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ، فَيُسْجَنَ فِيهِ إِلَى أَنْ تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ القَاسِمِ، عَنْ مَالِكٍ (١)، وَيَكُونُ بَيْنَ البَلَدَيْنِ أَقَلُّ مَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ، وَالقَوْلَانِ عَنْ مَالِكٍ (٢)، وَبِالأَوَّلِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٣)، وَقَالَ ابْنُ المَاجِشُونِ (٤): مَعْنَى النَّفْيِ هُوَ فِرَارُهُمْ مِنَ الإِمَامِ؛ لِإِقَامَةِ الحَدِّ عَلَيْهِمْ، فَأَمَّا أَنْ يُنْفَى بَعْدَ أَنْ يُقْدَرَ عَلَيْهِ فَلَا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ (٥): أَمَّا النَّفْيُ فَغَيْرُ مَقْصُودٍ، وَلَكِنْ إِنْ هَرَبُوا شَرَّدْنَاهُمْ فِي البِلَادِ بِالِاتِّبَاعِ. وَقِيلَ: هِيَ عُقُوبَةٌ مَقْصُودَةٌ، فَقِيلَ عَلَى هَذَا: يُنْفَى وَيُسْجَنُ دَائِمًا، وكُلُّهَا عَنِ الشَّافِعِيِّ (٦). وَقِيلَ: مَعْنَى {أَوْ


= أدع له يدًا يأكل بها، ويستنجي "، وقال ابن حجر في " الدراية " (٢/ ١١٢): " وهذا إسناده ضعيف ".
(١) يُنظر: " المقدمات الممهدات " لابن رشد الجد (٣/ ٢٣٤) حيث قال: " وقال ابن القاسم: وَرَواه عن مالك: إن النفي أن يُنْفى من بلدِهِ إلى بلدٍ آخر أقله ما تقصر فيه الصلاة، فيسجن فيه إلى أن تظهر توبته ".
(٢) أي: قول ابن القاسم والقول الذي قبله، يُنظر: " المقدمات الممهدات " لابن رشد الجد (٣/ ٢٣٤) حيث قال: " روى مطرف عن مالك أن النفي السجن ".
(٣) يُنظر: " تحفة الفقهاء " للسمرقندي (٣/ ١٥٦) حيث قال: " وإن خوفوا بقطع الطريق لا غير، يحبسون ويعزرون حتى يتوبوا، وهو تفسير النفي لقوله تعالى: {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} ".
(٤) يُنظر: " المقدمات الممهدات " لابن رشد الجد (٣/ ٢٣٤) حيث قال: " وقال ابن الماجشون: معنى ذلك أن يطلبهم الإمام لإقامة الحد عليهم، فيكون هروبهم إقامة الحد عليهم هو النفي ".
(٥) يُنظر: " الحاوي الكبير " للماوردي (١٣/ ٣٥٥) حيث قال: " قول ابن عباس والشافعي أنه طلبهم لإقامة الحُدُود عليهم، فيُبْعدوا ".
(٦) يُنظر: " نهاية المطلب " للجويني (١٧/ ٣٠٧) حيث قال: " ومن أصحابنا من قال: النفي من جملة العقوبات الملتحقة بالحدود، وليس المراد به الطلب إذًا، ولكن التجمع والتكثر والتهيب وتخويف الرفاق يوجب النفي بعد القدرة والظفر ".

<<  <  ج: ص:  >  >>