للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن معاذ بن جبلٍ - رضي الله عنه - أنه دخل على أبي موسى الأشعري وكان واليًا، فوجد عنده رجلًا موثقًا (يعني: مربوطًا)، فقال: ما هذا؟ قال: قد ارتد، فقال: لا أجلس في هذا المكان حتى يقتل. قال: اجلس. قال: لا أجلس حتى يقتل، فكرَّرها ثلاثًا، فقتله (١).

ثمَّ ساق المؤلف قولًا شاذًّا، وهو أنها تقتل وإن راجحت الإسلام، فقال رَحِمَهُ اللهُ: " وشذ قومٌ فقالوا: تُقْتل وإن راجعت الإسلام "، وهو قول شاذ كما قال، ولا يُلْتفت إليه، وهو يقابل القول بعَدَم قتلها، لكن لا أقلَّ من أن تُعَامل المرأة معاملة الرجل، وقد سبق أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمر بأن تُسْتتاب، فإن تابت وإلا قُتِلَتْ (٢).

* قَوْله: (وَأَمَّا الاسْتِتَابَةُ، فَإِنَّ مَالِكًا (٣) شَرَطَ في قَتْلِهِ ذَلِكَ عَلَى مَا رَوَاهُ عَنْ عُمَرَ (٤)، وَقَالَ قَوْمٌ: لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ).

وهي شَرطٌ أيضًا عند الشافعية (٥) والحنابلة (٦)، وهو المأثور عن عمر - رضي الله عنه -، فقَدْ أنكرَ - رضي الله عنه - قتل المرتدِّ دون استتابته (٧).


(١) أخرَجه البخاري (٦٥٢٦) في قصَّة قدوم معاذٍ على أبي موسى اليمن، وفيه: فلما قدم عليه، ألقى له وسادةً، قال: انزل، وإذا رجلٌ عنده موثقٌ، قال: ما هذا؟ قال: كان يهوديا فأسلم، ثم تهود، قال: اجلس. قال: لا أجلس حتى يقتل، قضاء الله ورسوله، ثلاث مرات، فأمر به فقتل.
(٢) تقدم.
(٣) يُنظر: " شرح التلقين " للمازري (٣/ ٢٦٧) حيث قال: " ثم عرض التوبة على المرتد واجب ".
(٤) سيأتي.
(٥) يُنظر: " منهاج الطالبين " للنووي (ص ١٣١) حيث قال: " تجب استتابة المرتد والمرتدة، وفي قَوْلٍ: تُسْتحبُّ ".
(٦) يُنظر: " الإقناع " للحجاوي (٤/ ٢٩٨) حيث قال: " من ارتدَّ عن الإسلام من الرجال والنساء وهو بالغ عاقلٌ مختارٌ، دُعِيَ إليه ثلاثة أيام، وضيق عليه وحبس، فإن تاب وإلا قتل بالسيف ".
(٧) أخرجه مالك في " الموطإ " (٢/ ٧٣٧) وفيه: قدم على عمر بن الخطاب رجلٌ من قِبَلِ أبي موسى الأشعري، فسأله عن الناس، فأخبره، ثم قال له عمر: هل كان فيكم من =

<<  <  ج: ص:  >  >>