للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومأخذ مَنْ ذهب إلى جواز توليها القضاء أنه لا فرقَ بين القضاء والفتوى، فإذا جاز لها أن تفتي، جاز لها أن تقضي.

تنبيه: لا يُفْهم من هذا التقرير قلة أهمية المرأة، وأنه لا مكانة لها في المجتمع، ولكن الله سبحانه وتعالى خلق الخَلْقَ، وقسمهم، وجعل لكلٍّ منهما ما يختص وينفرد به، فتنفرد المرأة بتربية الأطفال، وبالقيام على شؤونهم، وبإخراج الأجيال، وهي أيضًا جوهرة ثمينة مكنونة مصونة محافظ عليها في البيت، ويكفي أنهن أمهات المسلمين وأخواتهن وبناتهن، إذًا، هي جزءٌ من المجتمع، ولكن الله تعالى الذي خلق هذا الكون، وقَسَّم الناس فيه؛ فهذا شقيٌّ، وهذا سعيدٌ، وذاك رجلٌ وتلك امرأةٌ، وهذا عاقلٌ وذاك مجنونٌ، وهكذا فترى أن الناس يختلفون في هذه الحياة الدنيا، وقَدْ تنعكس الأمور، فيصبح الشقي سعيدًا، ويصبح التقي شقيًّا، وهكذا، فالله عز وجل خلق الناس وهداهم إلى طريق الخير، ودعاهم إليه، ورَغَّبهم فيه، وحذَّرهم المغريات التي تدفعهم إلى أن يسلكوا طريق الشر، وبيَّن خطره، وأنه طريق يأخذ بأصحابه إلى نار جهنم، فخوف من ذلك، فلم يبقَ أمام العاقل إلا أن يختار، إما طريق الجنة، وإما طريق النار، ففريق في الجنة، وفريق في السعير.

* قَوْله: (وَمَنْ رَأَى حُكْمَهَا نَافِذًا فِي كُلِّ شَيْءٍ، قَالَ: إِنَّ الأَصْلَ هُوَ أَنَّ كُلَّ مَنْ يَتَأَتَّى مِنْهُ الفَصْلُ بَيْنَ النَّاسِ، فَحُكْمُهُ جَائِزٌ إِلَّا مَا خَصَّصَهُ الإِجْمَاعُ مِنَ الإِمَامَةِ الكُبْرَى).

فَالإمَامةُ الكبرى قَدْ دل الإجماع (١) على أن المرأة لا تتولاها، والإجماع من الأدلة المسلمة، فأول الأدلة: الكتاب (أي: القرآن الكريم)، ثم السُّنَّة، ثم يأتي الإجماع، ثم القياس بأنواعه (قياس العلة (٢)


(١) تقدم.
(٢) " قياس العلة ": " كل حكم ثبت وصح من الوجوه التي ثبتت بها الأحكام، فجائزٌ القياس عليه، إذا قامت الدلالة على وجود المعنى الذي هو عِلَّةٌ للحكم فيه، سواء =

<<  <  ج: ص:  >  >>