للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَذَلِكَ أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ حُكْمَ الحَاكمِ الظَّاهِرِ الَّذِي يَعْتَرِيهِ لَا يُحِلُّ حَرَامًا، وَلَا يُحَرِّمُ حَلَالًا) (١).

يعني أجمع عليه العلماء، لكن من أهل العلم من يرى الأمر بالنسبة للواقع، فحكم الحاكم لا يحل للإنسان حرامًا، إنسان - مثلًا - جاء بشهود زور وادعى أرضًا، ولم يكن عند القاضي إِلَّا أن يحكم له، لأنه يحكم بالظاهر، فأخذها ظلمًا، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من اقتطع شبرًا من الأرض، طوقه اللّه بها سبع أرضين يوم القيامة" (٢)، إذًا هو أخذ هذا {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: ١٦١] {وَلَا تَعْتَدُوا} [البقرة: ١٩٠ و المائدة: ٨٧]، {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: ١٨٨]، ولو شهد على إنسان بباطل شهداء زور، وأقيم عليه الحد (٣)، ماذا يكون موقفه بين يدي اللّه؟


(١) ينظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" لابن القطان (٢/ ١٤٧)؛ حيث قال: "وأجمع العلماء على أن حكم الحاكم لا يخرج الأمر عما هو عليه في الباطن، وإنما ينفذ حكمه في الظاهر الذي يعتد به، ولا يحل حكمه للمقضي له مال المقضي عليه، إذا ادعى عليه ما ليس عنده، ووقع الحكم بشاهدي زور. والعلماء مجمعون أن ذلك في الفروج والأموال سواء".
(٢) أخرجه البخاري (٣١٩٨)، ومسلم (١٦١٠)، واللفظ له.
(٣) مذهب الحنفية، يُنظر: "الاختيار لتعليل المختار" لابن مودود الموصلي (٢/ ١٥٥)؛ حيث قال: "وإذا رجع شهود القصاص ضمنوا الدية".
مذهب المالكية، ينظر: "المعونة على مذهب عالم المدينة" للقاضي عبدالوهاب (ص ١٥٦٠)؛ حيث قال: "فإن شهدا بقتل أو قطع، ثم رجع أحدهما أو كلاهما بعد الآخر، غرما الدية إن كان غلط، وإن كان عن عمد يقتص منهما".
مذهب الشافعية، يُنظر: "نهاية المطلب" للجويني (١٩/ ٥٨)؛ حيث قال: "فأما إذا رجع الشهود بعد استيفاء العقوبات: [كأن] شهدوا بالقصاص، فاقتص من المشهود عليه، أو شهدوا بالزنا على محصن، فرجم، .. فإذا رجعوا بعد وقوع العقوبات، فلهم أحوال في الرجوع: إحداها - أن يقولوا: تعمدنا، وعلمنا أنه يقتل بشهادتنا، فيجب عليهم القود، وعقد الباب أنهم بمثابة المباشرين للقتل، وكل ما لو باشره وحصل التلف به، وجب عليه القود، فإذا وقع التلف بموجب شهادته، وجب عليه القود".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "عمدة الفقه" لابن قدامة (ص ١٥٣)؛ حيث قال: "وإن كان =

<<  <  ج: ص:  >  >>