للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنسان سيسأل عن عمله؛ إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر، فإن كان من أهل الخير فهو من أهل اليمين، فأولئك الذين يساقون إلى الجنة، قال تعالى: {فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} [النساء: ١٢٤]. وأما الآخرون، فإنهم يساقون إلى نار جهنم. إذًا هذه الحقوق التي يقضى بها بين الناس قد يقضى لإنسان بحق هو لأخيه فيأخذه، فلا يظن أن هذا القضاء يحله له، وإنما الذي يحل ويحرم إنما هو اللّه سبحانه وتعالى {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} [النحل: ١١٦].

إذًاا لذي يحل ويحرم إنما هو اللّه سبحانه وتعالى، فإذا ما تعدى الإنسان على حق أخيه، فكما قال - صلى الله عليه وسلم -: "فإنما أقطع له قطعة من نار"، ثم هو بالخيار، يأخذها أو فليدعها.

وبعض الناس تجد أنه يفرط في جزء من حياته، فيأكل الحرام، ويتغذى به، ويغذي به أولاده وأسرته وأهله، ثم تجد أنه في آخر حياته يقول: كنت وكنت؛ فكان يأكل حرامًا ثم "يرفع يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومأكله حرام، ومشربه من حرام، وملبسه حرام، وقد غذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟! " (١). ولذلك إذا وجدت أن الإنسان يتحاشى عن الحرام، يحتاط في البعد عنه، كلما وجد في أمر شبهة تركها، كما كان الصحابة - رضي الله عنهم -، فإنك تجد أن هذا الإنسان دائمًا مطمئن النفس، مرتاح الفؤاد، وإن كان قليل ذات اليد في هذه الحياة؛ فإن المال ظل زائل، فهذا المرء المتحري للحلال يكون سعيدًا في هذه الحياة، وكم من أناس عندهم مئات الملايين، بل ربما المليارات، ولكنهم يعيشون في قلق، وفي اضطراب، وتجد أنهم دائمًا في غم؛ ينتقلون من همّ إلى همّ، ومن غمّ إلى غمّ!


(١) أخرجه مسلم (١٠١٥) عن أبي هريرة، وفيه: " … ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب! يا رب! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>