للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإمام أحمد .. المشهور من مذهبه أنه مع الجمهور، وله رواية هنا أيضًا: "أن مجرد الإسلام يكفي، ما دام هذا مسلمًا، ولا نعرف عنه إِلَّا الخير، فيكفي ما لم نشهد عليه فسقًا، فيكون عدلًا" (١).

* قوله: (وَسَبَبُ الخِلَافِ - كمَا قُلْنَا - تَرَدُّدُهُمْ فِي مَفْهُومِ اسْمِ العَدَالَةِ المُقَابِلَةِ لِلْفِسْقِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ شَهَادَةَ الفَاسِقِ لَا تُقْبَلُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ}).

لأن هذه الشهادة يترتب عليها أمور، وربما يتسرع في قبول الشهادة، التي قد يترتب عليها أمور، وهذه الأمور قد تكون خطيرة تتعلق بزواج أو غيره، ولذلك قال تعالى: {فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: ٦].

ولذلك قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "خير الشهود الذي يشهد قبل أن يستشهد" (٢). وقال: "شر الشهود الذي يشهد قبل أن يستشهد" (٣).

فانظر .. حديثان تجد أنهما مختلفان، وكلاهما صح عن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "خير الشهود الذي يشهد قبل أن يستشهد" أنت تعلم أن عند فلان حقًّا لفلان، وهذا ينكره، فأنت إذا شهدت بهذه الشهادة، حينئذٍ


(١) يُنظر: "الإنصاف" للمرداوي (١١/ ٢٨٢)؛ حيث قال: "وعنه: تُقبل شهادة كل مسلم لم تظهر منه ريبة. اختارها الخرقي".
(٢) أخرجه مسلم (١٧١٩) عن زيد بن خالد الجهني: أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ألا أخبركم بخير الشهداء؟ الذي بأتي بشهادته قبل أن يسألها".
يُنظر: "فتح الباري" لابن حجر (٥/ ٢٦٠)؛ حيث قال: "المراد بحديث زيد من عنده شهادة لإنسان بحق لا يعلم بها صاحبها، فيأتي إليه فيخبره بها، أو يموت صاحبها العالم بها، ويخلف ورثة، فيأتي الشاهد إليهم أو إلى من يتحدث عنهم، فيعلمهم بذلك".
(٣) أخرجه البخاري (٣٦٥٠)، ومسلم (٢٥٣٥)، واللفظ لمسلم: عن عمران بن حصين - رضي الله عنه - قال: قال النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إن خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم … ثم يكون بعدهم قوم يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السِّمَن".

<<  <  ج: ص:  >  >>