للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجمهور عرفناهم فيما مضى، هم الأئمة الثلاثة بعد إخراج أبي حنيفة، وسبق الكلام عنه في كتاب القذف، ولا شك أن مذهب الجمهور أظهر، وهذا هو الذي يلتقي مع روح الشريعة، واللّه تعالى يقول بالنسبة للكافر: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨]. فما بالك بغيره بالنسبة للمؤمنين، قال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: ٣١] {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ} [طه: ٨٢].

والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له" (١)، فكيف يتوب إنسان ويخرج من الذنب ويعود إلى اللّه، ثم يقال بأنه لا تقبل شهادته، وأنه يبقى فاسقًا؟!

* قوله: (وَسَبَبُ الخِلَافِ هَلْ يَعُودُ الاسْتِثْنَاءُ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: ٤]، {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} [النور: ٥]، إِلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ إِلَيهِ، أَوْ عَلَى الجُمْلَةِ إِلَّا مَا خَصَّصَهُ الإِجْمَاعُ، وَهُوَ أَنَّ التَوْبَةَ لَا تُسْقِطُ عَنْهُ الحَدَّ).

لا شك أن التوبة أمرها عظيم، وشأنها كبير، وما أجمل أن يعود الإنسان إلى ربه!

الإنسان بشر، فربما يقترف ذنبًا أو يقع في خطيئة.


= ومذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٦/ ٣٦٤)؛ حيث قال: "فيقول القاذف: قذفي باطل، وأنا نادم عليه، ولا أعود إليه".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٦/ ٤٢٥)؛ حيث قال: "وتوبة قاذف بزنا أو لواط أن يكذب نفسه، ولو كان صادقًا، فيقول: كذبت فيما قلت. لكذبه حكمًا، أي: في حكم الله".
(١) أخرجه ابن ماجه (٤٢٥٠)، وحسنه الألباني. "صحيح سنن ابن ماجه" (٣٤٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>