للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جماهير العلماء منعوا ذلك، وقالوا: "إن البلوغ شرط في تحقق الشهادة، فلا تقبل شهادة صغير ما لم يبلغ، والبلوغ قد عرفنا علاماته"، وذهب الإمام مالك أو المالكية أيضًا (١)، ورواية للإمام أحمد (٢) إلى أنها تقبل شهادة بعضهم على بعض، ما لم يتفرقوا، يعني ما داموا مجتمعين، وقد أثر عن علي - رضي الله عنه - أنه جاء إليه خمسة غلمة (يعني صبيانًا)، فذكروا أنهم كانوا يغطون (٣) في ماء، فذكر ثلاثة أن اثنين أغرقا الثالث، وذكر الاثنان أن الثلاثة أغرقا ثالثهما، فقضى عليهم علي - رضي الله عنه - بثلاثة أخماس الدية على الاثنين، وبخمسيها على الثلاثة (٤) قالوا: فهذا أثر عن صحابي، فهو حجة.

* قوله: (فَرَدَّهَا جُمْهُورُ فُقَهَاءِ الأَمْصَارِ؛ لِمَا قُلْنَاهُ مِنْ وُقُوعِ الإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ مِنْ شَرْطِ الشَّهَادَةِ العَدَالَةَ).

الجمهور هم - كما هو معلوم - أبو حنيفة هنا، وكذلك الشافعي، وهي الرواية المعروفة المشهورة عن الإمام أحمد.

* قول: (وَمِنْ شَرْطِ العَدَالَةِ البُلُوغَ، وَلِذَلِكَ لَيْسَتْ فِي الحَقِيقَةِ شَهَادَةً عِنْدَ مَالِكٍ، وَإِنَّمَا هِيَ قَرِينَةُ حَالٍ. وَلذَلِكَ اشْتَرَطَ فِيهَا أَلَّا يَتَفَرَّقُوا؛ لِئَلَّا يَجْبُنُوا) (٥).


(١) يُنظر: "الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي" (٤/ ١٨٤)، حيث قال: "إِلَّا الصبيان فتجوز شهادتهم في قتل أو جرح فقط فلا تصح شهادتهم في الأموال".
(٢) يُنظر: "الكافي" لابن قدامة (٤/ ٢٧١)، حيث قال: "وعنه: تقبل شهادته في الجروح خاصة، إذا شهدوا قبل الافتراق عن الحال التي تجارحوا عليها؛ لأنه قول ابن الزُّبَير".
(٣) يعني أنهم كانوا يسبحون.
(٤) أخرجه الإمام أحمد عن إبراهيم النخعي عن علي. انظر: "مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد اللَّه" (٣/ ١٣٠٦).
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٤٠٠/ ٩، ٤٠١) عن مسروق.
(٥) يُنظر: "الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي" (٤/ ١٨٤)، حيث قال: "فإن تفرقوا لم تقبل؛ لأن التفرق مظنة التعليم".

<<  <  ج: ص:  >  >>