للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل الظاهر، ومعهم أيضًا الإمام أحمد وجماعة، وقد أثر ذلك عن بعض التابعين (١)، بل نقل عن علي - رضي الله عنه -، وعن أنس بن مالك من الصحابة أن شهادة العبد تقبل (٢). وقد رد القائلون بقبول شهادة العبد على القول بأن العبد لا مروءة له، بقولهم: "هذه دعوى غير مسلمة، لأن المروءة أيضًا لا تثبت لجميع الأحرار، فمنهم من عنده مروءة، ومنهم من ليس عنده مروءة، فهذه لا يختص بها العبد المملوك، وإنما يشركه فيها غيره"، قالوا: "وقد رأينا أن كثيرًا من أكابر العلماء ومن الصالحين ومن العباد كانوا رقيقًا أو كانوا أحرارًا، ولكنهم كانوا في الأصل مسترقين، ولذلك لما سُئل إياس بن معاوية عن شهادة العبد: أتجوز؟ قال: أنا أرد شهادة عبد العزيز بن صهيب (٣)، وكان من العلماء الأعلام، وكان أيضًا من العلماء الأعلام من الموالي أكرم مولى ابن عباس". ومعلوم أنه قد مرت فترة في العصر الأموي كانت لهم الريادة فيما يتعلق بالعلم، إذًا هل الرق قادح في شهادة بعض على بعض؟ قال الفريق الأول الذي لا يقبل شهادة العبد: "نعم، لما هو معلوم من وجود النص". وعرفنا أن من أسباب التخفيف النقص، وأنه خفف عن العبد وعن المرأة، لوجود النقص فيهما، فقالوا: "صفة النقص مؤثرة في ذلك".

والفريق الآخر قمال: "أدلة الكتاب والسنة كلها مطلقة، فلم نجد


(١) يُنظر: "الأوسط" لابن المنذر (٧/ ٢٦٩)؛ حيث قال: "وممن كان يجيز شهادة العبد إذا كان عدلًا محمد بن سيرين وشريح".
(٢) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (١٠/ ١٧٦)؛ حيث قال: "روي ذلك عن علي، وأنس قال أنس: ما علمت أن أحدًا رد شهادة العبد. وبه قال عروة، وشريح، وإياس، وابن سيرين، والبتي، وأبو ثور، وداود، وابن المنذر".
ويُنظر: "مصنف ابن أبي شيبة" (٤/ ٢٩٢) قال شريح: "لا تجيز شهادة العبيد". فقال علي: "لا، كنا نجيزها" قال: "فكان شريح بعد يجيزها إِلَّا لسيده".
ويُنظر: "مصنف ابن أبي شيبة" (٤/ ٢٩٢) عن المختار بن فلفل، قال: "سألت أنسًا عن شهادة العبيد، فقال: جائزة".
(٣) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (١٠/ ١٧٦)؛ حيث قال: "سئل إياس بن معاوية، عن شهادة العبيد، فقال: أنا أرد شهادة عبد العزيز بن صهيب".

<<  <  ج: ص:  >  >>