للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا كانت الشهادة يترتب عليها ثبوت الدعوى بما يمس الشاهد، بأن يتعلق بنسبه، أو يتعلق بأمر مرده إليه؛ فإنه بذلك قد لا يشهد؛ لأن الأمر يمسه، فهو بذلك يدفع عن نفسه لا عن أخيه".

* قوله: (وَمَا لَمْ يَكُنْ مُنْقَطِعًا إِلَى أَخِيهِ يَنَالُ بِرَّهُ وَصِلَتَهُ) (١).

ما لم يكن أيضًا - عند المالكية - تحت تربيته، نشأ في كنف أخيه، رباه منذ الصغر حتى أصبح رجلًا سويًّا، يغذيه، يقوم على شؤونه، رباه تربية طيبة، تولى أمره، فهو بذلك ربما تدفعه تلك الأعمال وتلكم الصلة والقربة ألا يشهد على أخيه.

* قوله: (مَا عَدَا الأَوْزَاعِيَّ، فَإِنَّهُ قَالَ: لَا تَجُوزُ (٢). وَمِنْ هَذَا البَابِ اخْتِلَافُهُمْ فِي قَبُولِ شَهَادَةِ العَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ).

العدو يشهد ولا تقبل شهادته، لأنه لا تقبل شهادة عدو، فهو يود أن يذل خصمه وعدوه، إِلَّا أن تكون هناك مخافة، قال تعالى: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا} [المائدة: ٨].

ولكن الغالب على النفوس الضعف في ذلك المقام، فدائمًا تجد الإنسان ما لم يكن عنده خوف من اللّه سبحانه وتعالى وتقوى، وربط ما سيحصل منه بأمور الآخرة وإدراك ما يترتب على ذلك، فإنه ربما تزل قدمه، ويشهد على خصمه بأمر، ولا يكون ذلك صحيحًا؛ لأنه يريد الإيقاع به.

* قوله: (فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: لَا تُقْبَلُ (٣)، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ:


(١) يُنظر: "المنتقى شرح الموطأ" للباجي (٥/ ٢٠٦)؛ حيث قال: "فأما المعروف المعتاد فإن اقترنت به القرابة كالأخ يكون في عيال أخيه أو تحت نفقته أو يتكرر عليه معروفه، فهذه تهمة توجب رد شهادته له".
(٢) يُنظر: "المحلى بالآثار" لابن حزم (٨/ ٥٠٧)؛ حيث قال: "ورأى الأوزاعي: أن لا يقبل الأخ لأخيه".
(٣) يُنظر: "الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي" (٤/ ١٧١)؛ حيث قال: "ولا تقبل شهادة عدو على عدوه عداوة دنيوية". =

<<  <  ج: ص:  >  >>