للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذًا الشهادة بالنسبة للمشهود عليهم تنقسم إلى قسمين، وربما تنقسم إلى ثلاثة؛ القسم الأول ما يختص به الزنا، وذلك لخطورة الأمر، كما نبهنا إلى ذلك من قبل؛ فهذا يترتب عليه أمور، من أهمها أنه قد يكون هذا الإنسان محصنًا، فيترتب عليه ذهاب نفسه، وربما يكون بكرًا يتعلق الأمر بسمعته وعرضه أيضًا، وبعرض المرأة المقابلة، ولذلك نجد أن هذا الدِّين الحنيف يحرص تمامًا على أن يصون أعراض الناس، وأن يصون أنسابهم؛ لذلك شدد في الشهادة. ورأينا قصة عمر - رضي الله عنه - عندما نهر الشاهد الرابع، وقال له: "اتق الله" (١)، ولذلك وضع أيضًا إلى جانب كونهم أربعةً أن يكونوا شاهدوا وعاينوا ذلك، لا بد أن ينص، وإن لم يحصل فإن الأمر يرجع عليهم، وتقام العقوبة عليهم، فيجلدون جلد القذف. أما بالنسبة للشهادات الأُخرى فإن الله تعالى نص عليها؛ سواء كان ذلك في الأمتعة، أو كان في الأموال. قال تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: ٢٨٢]. وأشهدوا ذوي عدل منكم، فهذا نص في كتاب الله - عز وجل -.

قول: (وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ تَثْبُتُ الأَمْوَالُ بِشَاهِدٍ عَدْلٍ ذَكرٍ وَامْرَأَتَيْنِ (٢)).


(١) وردت تلك القصة في "السنن الكبرى" للبيهقي (٨/ ٤٠٨) عن قسامة بن زهير، قال: "لما كان من شأن أبي بكرة والمغيرة الذي كان" وذكر الحديث، قال: " فدعا الشهود، فشهد أبو بكرة وشبل بن معبد وأبو عبد الله نافع، فقال عمر - رضي الله عنه - حين شهد هؤلاء الثلاثة: شق على عمر شأنه. فلما قام زياد قال: إن تشهد إن شاء الله إلا بحق؟ قال زياد: أما الزنا فلا أشهد به، ولكن قد رأيت أمرًا قبيحًا. قال عمر: الله أكبر حدوهم. فجلدوهم ". وصححه الألباني في "الإرواء" (٨/ ٢٨).
(٢) مذهب الحنفية، ينظر: "العناية شرح الهداية" للبابرتي (٧/ ٣٧٠)؛ حيث قال: "وما سوى ذلك من الحقوق يقبل فيها شهادة رجلين أو رجل وامرأتين، سواء كان الحق مالًا، أو غير مال مثل النكاح ".
ومذهب المالكية، يُنظر: " الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي " (٤/ ١٨٧)؛ حيث قال: " (وإلا) بأن كان المشهود به مالًا أو آيلًا له (فعدل وامرأتان) عدلتان (أو أحدهما)، أي: عدل فقط وامرأتان فقط (بيمين)، أي: مع يمين المشهود له ".=

<<  <  ج: ص:  >  >>