ملك، والذي تحته بنت ألف ملك، والذي في مربطه ألف فيل، والذي له نهران ينبتان العود والفوه «١» والجوز والكافور، الذي يوجد ريحه على اثني عشر ميلا- إلى ملك العرب الذي لا يشرك بالله شيئا. أما بعد، فإني أردت أن تبعث إليّ رجلا يعلمني الإسلام ويوقفني على حدوده والسّلام.
وإن زعمتم أنه لا يكون الفخر إلا بنبوّة فإن منا الأنبياء والمرسلين قاطبة من لدن آدم ما خلا أربعة: هودا وصالحا وإسماعيل وحمدا؛ ومنا المصطفون من العالمين: آدم ونوح، وهما العنصران اللذان تفرع منهما البشر: فنحن الأصل وأنتم الفرع، وإنما أنتم غصن من أغصاننا، فقولوا بعد هذا ما شئتم وادّعوا. ولم تزل الأمم كلها من الأعاجم في كل شق من الأرض [لها] ملوك تجمعها، ومدائن تضمها، وأحكام تدين بها، وفلسفة تنتجها، وبدائع تفتقها في الأدوات والصناعات: مثل صنعة الديباج، وهي أبدع صنعة؛ ولعب الشطرنج، وهي أشرف لعبة، ورمانة القبان التي يوزن بها رطل واحد ومائة رطل؛ ومثل فلسفة الروم في ذات الخلق والقانون، والأسطرلاب الذي يعدل به النجوم ويدرك به علم الأبعاد ودوران الأفلاك، وعلم الكسوف [وغير ذلك من الآثار المتقنة] ولم يكن للعرب ملك يجمع سوادها، ويضم قواصيها، ويقمع ظالمها، وينهى سفيهها؛ ولا كان لها قط نتيجة في صناعة، ولا أثر في فلسفة، إلا ما كان من الشعر وقد شاركتها فيه العجم، وذلك أن للروم أشعارا عجيبة قائمة الوزن والعروض؛ فما الذي تفخر به العرب على العجم؟ فإنما هي كالذئاب العادية، والوحوش النافرة، يأكل بعضها بعضا، ويغير بعضها على بعض، فرجالها موثقون في حلق الأسر، ونساؤها سبايا مردفات على حقائب الإبل، فإذا أدركهن الصريخ استنقذن بالعشي وقد وطئن كما توطأ الطريق المهيع، فخر بذلك شاعر فقال:
والحق ركب المردفات عشيّة
فقيل له: ويحك! وأي فخر لك أن تلحق بالعشي وقد نكحن وامتهنّ؟