الأصمعي قال: خرجت أعرابية إلى منى فقطع بها الطريق، فقالت: يا رب، أخذت وأعطيت وأنعمت وسلبت، وكل ذلك منك عدل وفضل، والذي عظّم على الخلائق أمرك؛ لا بسطت لساني بمسألة أحد غيرك، ولا بذلت رغبتي إلا إليك يا قرة أعين السائلين، أغنني بجود منك أتبحبح في فراديس نعمته، وأتقلب في رواق نضرته، احملني من الرجلة «٢» ، وأغنني من العيلة، وأسدل عليّ سترك الذي لا تخرقه الرماح، ولا تزيله الرياح، إنك سميع الدعاء.
قال: وسمعت أعرابيا في فلاة من الأرض وهو يقول في دعائه: اللهم إن استغاري إياك مع كثرة ذنوبي للؤم، وإن تركي الاستغفار مع معرفتي بسعة رحمتك لعجز! إلهي كم تحببت إليّ بنعمتك وأنت غنيّ عني، وكم أتبغّض إليك بذنوبي وأنا فقير إليك! سبحان من إذا توعد عفا، وإذا وعد وفى.
قال: وسمعت أعرابيا يقول في دعائه: اللهم إن ذنوبي إليك لا تضرّك، وإن رحمتك إياي لا تنقصك؛ فاغفر لي مالا يضرك، وهب لي مالا ينقصك.
قال: وسمعت أعرابيا وهو يقول في دعائه: اللهم إني أسألك عمل الخائفين، وخوف العاملين، حتى أتنعم بترك النعم طمعا فيما وعدت، وخوفا مما أوعدت اللهم أعذني من سطواتك؛ وأجرني من نقماتك؛ سبقت لي ذنوب وأنت تغفر لمن يتوب؛ إليك بك أتوسل، ومنك إليك أفرّ.
قال: وسمعت أعرابيا يقول: اللهم إن أقواما آمنوا بك بألسنتهم ليحقنوا دماءهم فأدركوا ما أمّلوا، وقد آمنا بك بقلوبنا لتجيرنا من عذابك فأدرك منا ما أمّلناه.
قال: ورأيت أعرابيا متعلقا بأستار الكعبة رافعا يديه إلى السماء وهو يقول رب،