للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودخل أعرابي على رجل من الولاة فقال: أصلح الله الأمير، اجعلني زماما من أزمتك تجرّبه الأعداء، فإني مسعر حرب، وركّاب نجب، شديد على الأعداء لين على الأصدقاء؛ منطوي الحصيلة، قليل الثميلة «١» ، نومي غرار «٢» ، قد غذتني الحرب بأفاويقها، وحلبت الدهر أشطره؛ ولا تمنعك مني الدمامة؛ فإن من تحتها شهامة.

وذكر أعرابي رجلا ببراعة المنطق فقال: كان والله بارع المنطق، جزل الألفاظ، عربيّ اللسان، فصيح البيان، رقيق حواشي الكلام، بليل الريق، قليل الحركات، ساكن الإشارات.

وذكر أعرابي رجلا فقال: رأيت له حلما وأناة، يحدثك الحديث على مقاطعه، ينشدك الشعر على مدارجه، فلا تسمع له لحنا ولا إحالة «٣» .

العتبي قال: ذكر أعرابي قوما، فقال: آلت سيوفهم ألّا تقضي دينا عليهم، ولا تضيّع حقا لهم، فما أخذ منهم مردود إليهم، وما أخذوا متروك لهم.

ومدح أعرابي رجلا، فقال: ما رأيت عينا قط أخرق لظلمة الليل من عينه ولحظة أشبه بلهيب النار من لحظته؛ له هزة كهزة السيف إذا طرب، وجرأة كجرأة الليث إذا غضب.

ومدح أعرابي رجلا، فقال: كان الفهم منه ذا أذنين، والجواب ذا لسانين؛ لم أر أحدا أرتق لخلل الرأي منه، بعيد مسافة العقل ومراد الطرف، إنما يرمي بهمته حيث أشار الكرم.

ومدح أعرابيّ رجلا فقال: ذاك والله فسيح النسب، مستحكم الأدب، من أي أقطاره أتيته انتهى إليك بكرم فعال، وحسن مقال.

ومدح أعرابي رجلا فقال: كانت ظلمة ليله كضوء نهاره، آمرا بإرشاد، وناهيا