وقال أعرابي: إن فلانا «نعم» للسانه قبل أن يخلق لسانه لها: فما تراه الدهر إلا وكأنه لا غنى له عنك وإن كنت إليه أحوج؛ إذا أذنبت إليه غفر وكأنه المذنب، وإذا أسأت إليه أحسن وكأنه المسيء.
وذكر أعرابي رجلا فقال: اشترى والله عرضه من الذي؛ فلو كانت الدنيا له فأنفقها لرأى بعدها عليه حقوقا، وكان منهاجا للأمور المشكلة إذا تناجز الناس باللائمة.
ومدح أعرابيّ رجلا فقال: كان والله يغسل من العار وجوها مسودة، ويفتح من الرأي عيونا منسدة.
وذكر أعرابي رجلا فقال: ذاك والله ينفع سلمه ولا يستمر ظلمه؛ إن قال فعل، وإن ولى عدل.
ومدح أعرابي رجلا فقال: ذاك والله يعني في طلب المكارم، غير ضال في مسالك طرقها، ولا مشتغل عنها بغيرها.
وذكر أعرابي رجلا فقال: يفوّق الكلمة على المعنى فتمرق مروق السهم من الرميّة، فما أصاب قتل، وما أخطأ أشوى «١» ، وما عظعظ «٢» له سهم منذ تحرك لسانه في فيه.
وذكر أعرابي أخاه فقال: كان والله ركوبا للأهوال، غير ألوف لربّات الحجال؛ إذا أرعد القوم من غير كرّ، يهين نفسا كريمة على قومها، غير مبقية لغد ما في يومها.
ومدح رجل رجلا فقال: كأن الألسن ريضت «٣» فما تنعقد إلا على ودّه، ولا تنطق إلا بثنائه.