فقال ابن الزبير لمعاوية: قد عرفنا فضل الحسين وقرابته من رسول الله صلّى الله عليه وسلم؛ لكن إن شئت أعلمك فضل الزبير على أبيك أبي سفيان فعلت، فتكلم ذكوان مولى الحسين بن علي فقال:
يا ابن الزبير، إن مولاي ما يمنعه من الكلام أن لا يكون طلق اللسان رابط الجنان؛ فإن نطق نطق بعلم؛ وإن صمت صمت بحلم؛ غير أنه كفّ «١» الكلام، وسبق إلى السنان، فأقرت بفضله الكرام؛ وأنا الذي أقول:
فيم الكلام لسابق في غاية ... والناس بين مقصّر ومبلّد «٢»
إنّ الذي يجري ليدرك شأوه ... ينمي بغير مسوّد ومسدّد
بل كيف يدرك نور بدر ساطع ... خير الأنام وفرع آل محمد
فقال معاوية: صدق قولك يا ذكوان؛ أكثر الله في موالي الكرام مثلك.
فقال ابن الزبير: إن أبا عبد الله سكت وتكلم مولاه، ولو تكلم لأجبناه، أو لكففنا عن جوابه إجلالا له؛ ولا جواب لهذا العبد.
قال ذكوان: هذا العبد خير منك؛ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:«مولى القوم منهم» ؛ فأنا مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأنت ابن العوام ابن خويلد؛ فنحن أكرم ولاء وأحسن فعلا.
قال ابن الزبير: إني لست أجيب هذا! فهات ما عندك.
فقال معاوية: قاتلك الله يابن الزبير. ما أعياك وأبغاك. أتفخر بين يدي أمير المؤمنين وأبي عبد الله؟ إنك أنت المتعدي لطورك «٣» ، الذي لا تعرف قدرك؛ فقس شبرك بفترك؛ ثم تعرّف كيف تقع بين عرانين «٤» بني عبد مناف؛ وأما والله لئن دفعت في بحور بني هاشم وبني عبد شمس لقطّعتك بأمواجها، ثم لترميّن بك في