أيها الناس، نحن المهاجرون، أول الناس إسلاما، وأكرمهم أحسابا، وأوسطهم دارا، وأحسنهم وجوها، وأكثر الناس ولادة في العرب، وأمسّهم رحما برسول الله صلّى الله عليه وسلم؛ أسلمنا قبلكم، وقدّمنا في القرآن عليكم، فقال تبارك وتعالى: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ
«١» ؛ فنحن المهاجرون وأنتم الأنصار، إخواننا في الدين، وشركاؤنا في الفيء، وأنصارنا على العدوّ؛ آويتم وواسيتم، فجزاكم الله خيرا، فنحن الأمراء، وأنتم الوزراء، لا تدين العرب إلا لهذا الحي من قريش، فلا تنفسوا على إخوانكم المهاجرين ما منحهم الله من فضله.
وخطب أيضا. حمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
أيها الناس، إني قد ولّيت عليكم ولست بخيركم، فإن رأيتموني على حقّ فأعينوني، وإن رأيتموني على باطل فسدّدوني؛ أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإذا عصيته فلا طاعة لي عليكم. ألا إنّ أقواكم عندي الضعيف حتى آخذ الحق له، وأضعفكم عندي القويّ حتى آخذ الحق منه! أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
وخطب أخرى. فلما حمد الله بما هو أهله، وصلى على نبيه عليه الصلاة والسلام، قال:
إن أشقى الناس في الدنيا والآخرة الملوك! فرفع الناس رءوسهم، فقال:
ما لكم أيها الناس؟ إنكم لطعانون عجلون، إن من الملوك من إذا ملك زهّده الله فيما بيده، ورغّبه فيما بيد غيره، وانتقصه شطر أجله، وأشرب قلبه الإشفاق، فهو يحسد على القليل، ويسخط على الكثير، ويسأم الرخاء وتنقطع عنده لذة البهاء، لا