ولزوم الحق فيما أحببتم وكرهتم؛ فإنه ليس فيما دون الصدق من الحديث خير، من يكذب يفجر، ومن يفجر يهلك، وإياكم والفخر؛ وما فخر من خلق من تراب وإلى التراب يعود، هو اليوم حي وغدا ميّت! فاعلموا وعدوّا أنفسكم في الموتى، وما أشكل عليكم فردّوا علمه إلى الله، وقدّموا لأنفسكم خيرا تجدوه محضرا، فإنه قال عز وجل: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً، وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ، وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ
«١» فاتقوا الله عباد الله وراقبوه، واعتبروا بمن مضى قبلكم، واعلموا أنه لا بدّ من لقاء ربكم والجزاء بأعمالكم، صغيرها وكبيرها، إلا ما غفر الله، إنه غفور رحيم، فأنفسكم أنفسكم والمستعان الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ، يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً
«٢» اللهم صل على محمد عبدك ورسولك، أفضل ما صليت على أحد من خلقك؛ وزكّنا بالصلاة عليه، وألحقنا به، واحشرنا في زمرته، وأوردنا حوضه اللهم أعنّا على طاعتك، وانصرنا على عدوّك.
وخطب أيضا، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
أوصيكم بتقوى الله، وأن تثنوا عليه بما هو أهله، وأن تخلطوا الرغبة بالرهبة، وتجمعوا الإلحاف بالمسألة؛ فإن الله أثنى على زكريا وعلى أهل بيته، فقال: إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ
«٣» ثم اعلموا عباد الله أن الله قد ارتهن بحقه أنفسكم، وأخذ على ذلك مواثيقكم، وعوّضكم بالقليل الفاني الكثير الباقي، وهذا كتاب الله فيكم لا تفنى عجائبه، ولا يطفأ نوره، فثقوا بقوله، وانتصحوا كتابه واستبصروا فيه ليوم الظلمة، فإنه خلقكم لعبادته، ووكل بكم الكرام الكاتبين يعلمون ما تفعلون. ثم اعلموا عباد الله أنكم