صفقت يداي في أبيك صفقة «١» ذي الخلة من ضوارع «٢» الفصلان، عامل اصطناعي له بالكفر لما أوليته، فما رميت به إلا انتصل «٣» ، ولا انتضيته إلا غلّق جفنه، وزلّت شفرته، ولا قلت إلا عاند، ولا قمت إلا قعد، حتى اخترمه الموت، وقد أوقع بختره «٤» ، ودل على حقده، وقد كنت رأيت في أبيك رأيا حضره الخطل، والتبس به الزلل، فأخذ مني بحظ الغفلة، وما أبريء نفسي، إنّ النفس لأمّارة بالسوء؛ فما برحت هناة أبيك تحطب في جبل القطيعة حتى انتكث المبرم. وانحل عقد الوداد. فيا لها توبة تؤتنف من حوبة «٥» أورثت ندما أسمع بها الهاتف وشاعت للشامت؛ فليهنأ الواصم «٦» ما به احتقر؛ وأراك تحمد من أبيك جدا وجسورا: هما أوفيا به على شرف التقحم. وغمط النعمة؛ فدعهما فقد أذكرتنا منه ما زهّدنا فيك من بعده، وبهما مشيت الضرّاء ودببت الخفاء؛ فاذهب إليك، فأنت نجل الدّغل «٧» ، وعترة النّغل؛ والأخر شرّ.
فقال يزيد: يا أمير المؤمنين، إنّ للشاهد غير حكم الغائب، وقد حضرك زياد، وله مواطن معدودة بخير، لا يفسدها التظنّي ولا تغّيرها التهم، وأهلوه أهلوك التحقوا بك، وتوسطوا شأنك، فسافرت به الرّكبان، وسمعت به أهل البلدان، حتى اعتقده الجاهل، وشك فيه العالم، فلا يتحجّر يا أمير المؤمنين ما قد اتسع، وكثرت فيه الشهادات، وأعانك عليه قوم آخرون.
فانحرف معاوية إلى من معه فقال: هذا، وقد نفس عليه «٨» ببيعته، وطعن في إمرته، يعلم ذلك كما أعلمه؛ يا للرجال من آل أبي سفيان! لقد حكموا وبذّهم يزيد وحده.
ثم نظر إلى عبيد الله فقال: يا ابن أخي، إني لأعرف بك من أبيك، وكأني بك