للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

علي، أوصى بأن يدفن مع جده في ذلك الموضع؛ فلما أراد بنو هاشم أن يحفروا له منعهم مروان- وهو والي المدينة في أيام معاوية- فقال أبو هريرة: علام تمنعه أن يدفن مع جده؟ فأشهد لقد سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة» قال له مروان: لقد ضيّع الله حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذا لم يروه غيرك. قال: أنا والله لقد قلت ذلك؛ لقد صحبته حتى عرفت من أحبّ ومن أبغض، ومن نفى ومن أقرّ، ومن دعا له ومن دعا عليه.

قال: وسطح قبر أبي بكر كما سطّح قبر النبي صلّى الله عليه وسلم، ورشّ بالماء.

هشام بن عروة عن أبيه: أن أبا بكر صلّي عليه ليلا ودفن ليلا.

ومات وهو ابن ثلاث وستين سنة، ولها مات النبيّ صلّى الله عليه وسلم.

وعاش أبو قحافة بعد أبي بكر أشهرا وأياما، ووهب نصيبه في ميراثه لولد أبي بكر وكان نقش خاتم أبي بكر: نعم القادر الله.

ولما قبض أبو بكر سجّي بثوب، فارتجّت المدينة من البكاء، ودهش القوم كيوم قبض رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وجاء علي بن أبي طالب باكيا مسرعا مسترجعا حتى وقف بالباب وهو يقول:

«رحمك الله أبا بكر! كنت والله أول القوم إسلاما، وأصدقهم إيمانا، وأشدهم يقينا وأعظمهم غنى، وأحفظهم على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأحدبهم على الإسلام، وأحماهم عن أهله، وأنسبهم برسول الله خلقا وفضلا وهديا وسمتا؛ فجزاك الله عن الإسلام وعن رسول الله وعن المسلمين خيرا؛ صدّقت رسول الله حين كذّبه الناس وواسيته حين بخلوا، وقمت معه حين قعدوا وسمّاك الله في كتابه صدّيقا فقال:

وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ

«١» ، يريد محمدا ويريدك؛ كنت والله للإسلام حصنا، وللكافرين ناكبا، لم تفلل «٢» حجتك، ولم تضعف بصيرتك، ولم تجبن