فتنافس القوم في الأمر، وكثر بينهم الكلام، كل يرى أنه أحق بالأمر؛ فقال أبو طلحة: أنا كنت لأن تدفعوها أخوف مني لأن تنافسوها! لا والذي ذهب بنفس عمر، لا أزيدكم على الأيام الثلاثة التي أمر بها عمرو أو أجلس في بيتي.
فقال عبد الرحمن: أيكم يخرج منها نفسه، ويتقلدها على أن يوليها أفضلكم فلم يجبه أحد؛ فقال. فأنا أنخلع منها. قال عثمان. أنا أول من رضي؟ فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول. عبد الرحمن أمين في الأرض، أمين في السماء. فقال القوم:
رضينا. وعليّ ساكت، فقال: ما تقول يا أبا الحسن: قال. أعطني موثقا لتؤثرنّ الحق، ولا تتبع الهوى، ولا تخص ذا رحم، ولا تألو الأمة نصحا. قال: أعطوني مواثيقكم على أن تكونوا معي على من نكل، وأن ترضوا بما أخذت لكم فتوثق بعضهم من بعض وجعلوها إلى عبد الرحمن، فخلا بعلي فقال: إنك أحقّ بالأمر لقرابتك وسابقتك وحسن أثرك، ولم تبعد؛ فمن أحق بها بعدك من هؤلاء؟ قال:
عثمان. ثم خلا بعثمان فسأله عن مثل ذلك؛ فقال: علي. ثم خلا بسعد فقال: عثمان. ثم خلا بالزبير فقال: عثمان، فقال عمار بن ياسر لعبد الرحمن: إن أردت.
أبو الحسن قال: لما خاف عليّ بن أبي طالب عبد الرحمن بن عوف والزبير وسعدا أن يكونوا مع عثمان، لقي سعدا ومعه الحسن والحسين، فقال له: أسألك برحم ابنيّ هذين من رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وبرحم عمي حمزة منك ألّا تكون مع عبد الرحمن ظهيرا عليّ لعثمان؛ فإني أولي إليك بما لا يدلي به عثمان.
ثم دار عبد الرحمن لياليه تلك على مشايخ قريش يشارهم، فكلهم يشير بعثمان؛ حتى إذا كان في الليلة التي استكمل في صبيحتها الأجل، أتى منزل المسور بن مخرمة بعد هجعة من الليل، فأيقظه فقال: ألا أراك إلا نائما ولم أذق في هذه الليالي نوما! فانطلق فادع لي الزبير وسعدا. فدعا بهما؛ فبدأ بالزبير في مؤخرة المسجد، فقال له: خلّ ابني عبد مناف لهذا الأمر. فقال: نصيبي لعليّ. فقال لسعد: أنا وأنت كلالة «١» ، فاجعل نصيبك لي فأختار. قال: أما إن اخترت نفسك فنعم، وأما إن