بايعت غيره ما رضيناه. قال: كذبت يا أعور! لو بايعت غيره لبايعته وقلت هذه المقالة.
وقال عبد الله بن عباس: ما شيت عمر بن الخطاب يوما، فقال لي: يا بن عباس، ما يمنع قومكم منكم وأنتم أهل البيت خاصة؟ قلت: لا أدري! قال: لكني أدري؛ إنكم فضلتموهم بالنبوة، فقالوا: إن فضلوا بالخلافة مع النبوة لم يبقوا لنا شيئا، وإنّ أفضل النصيبين بأيدكم، بل ما إخالها إلا مجتمعة لكم وإن نزلت على رغم قريش.
فلما أحدث عثمان ما أحدث من تأمير الأحداث من أهل بيته على الجلة «١» من أصحاب محمد، قيل لعبد الرحمن: هذا عملك! قال: ما ظننت هذا! ثم مضى، ودخل عليه وعاتبه، وقال: إنما قدّمتك على أن تسير فينا بسيرة أبي بكر وعمر، فخلفتهما وحابيت أهل بيتك وأوطأتهم رقاب المسلمين. فقال: إن عمر كان يقطع قرابته في الله، وأنا أصل قرابتي في الله. قال عبد الرحمن: لله عليّ ألا أكلّمك أبدا! فلم يكلمه أبدا حتى مات. ودخل عليه عثمان عائدا»
له في مرضه، فتحوّل عنه إلى الحائط ولم يكلمه.
ذكروا أن زيادا أوفد ابن حصين على معاوية، فأقام عنده ما أقام، ثم إن معاوية بعث إليه ليلا فخلا به، فقال له: يا ابن حصين، قد بلغني أن عندك ذهنا وعقلا؛ فأخبرني عن شيء أسألك عنه قال: سلني عما بدا لك. أخبرني ما الذي شتّت أمر المسلمين وفرّق أهواءهم وخالف بينهم؟ قال: نعم، قتل النّاس عثمان قال: ما صنعت شيئا. قال: فمسير عليّ إليك وقتاله إياك. قال: ما صنعت شيئا قال: فمسير طلحة والزبير وعائشة وقتال عليّ إياهم قال ما صنعت شيئا. قال: ما عندي غير هذا يا أمير المؤمنين. قال: فأنا أخبرك، إنه لم يشتت بين المسلمين ولا فرّق أهواءهم ولا خالف بينهم إلا الشورى التي جعلها عمر إلى ستة نفر؛ وذلك أن الله بعث محمدا بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، فعمل بما أمره الله به ثم قبضه