الله إليه، وقدّم أبا بكر للصلاة فرضوه لأمر دنياهم إذ رضيه رسول الله صلّى الله عليه وسلم لأمر دينهم، فعمل بسنة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وسار بسيره حتى قبضه الله، واستخلف عمر فعمل بمثل سيرته، ثم جعلها شورى بين ستة نفر، فلم يكن رجل منهم إلا رجاها لنفسه، ورجاها له قومه، وتطلعت إلى ذلك نفسه: ولو أن عمر استخلف عليهم كما استخلف أبو بكر ما كان في ذلك اختلاف. وقال المغيرة بن شعبة: إني لعند عمر بن الخطاب ليس عنده أحد غيري، إذ أتاه آت فقال: هل لك يا أمير المؤمنين في نفر من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم يزعمون أن الذي فعل أبو بكر في نفسه وفيك لم يكن له، وأنه كان بغير مشورة ولا مؤامرة؟ وقالوا تعالوا نتعاهد ألا نعود إلى مثلها. قال عمر: وأين هم؟ قال: في دار طلحة. فخرج نحوهم وخرجت معه وما أعلمه يبصرني من شدّة الغضب، فلما رأوه كرهوه وظنوا الذي جاء له، فوقف عليهم وقال: أنتم القائلون ما قلتم؟ والله لن تتحابوا حتى يتحابّ الأربعة: الإنسان والشيطان، يغويه وهو يلعنه؛ والنار والماء يطفئها وهي تحرقه؛ ولم يأن لكم بعد وقد آن ميعادكم ميعاد المسيح متى هو خارج. قال: فتفرقوا فسلك كل واحد منهم طريقا؛ قال المغيرة:
ثم قال لي: أدرك ابن أبي طالب فاحبسه عليّ. فقلت: لا يفعل أمير المؤمنين وهو مغدّ «١» ، فقال: أدركه وإلا قلت لك يا بن الدباغة. قال: فأدركته فقلت له: قف مكانك لإمامك واحلم، فإنه سلطان وسيندم وتندم. قال: فأقبل عمر فقال: والله ما خرج هذا الامر إلا من تحت يدك. قال عليّ: اتق أن لا تكون الذي نعطيك فنفتنك. قال: وتحب أن تكون هو؟ قال: لا، ولكننا نذكرك الذي نسيت. فالتفت إليّ عمر فقال: انصرف فقد سمعت منا عند الغضب ما كفاك. فتنحيت قريبا، وما وقفت إلا خشية أن يكون بينهما شيء فأكون قريبا، فتكلما كلاما غير غضبانين ولا راضين ثم رأيتهما يضحكان وتفرّقا؛ وجاءني عمر، فمشيت معه وقلت: يغفر الله لك، أغضبت؟ قال: فأشار إلى عليّ وقال: أما والله لولا دعابة فيه ما شككت في ولايته وإن نزلت على رغم أنف قريش.