أبو الحسن قال: كان عبد الله بن عباس يقول: ليغلبنّ معاوية وأصحابه عليا وأصحابه؛ لأن الله تعالى يقول: وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً
«١» .
أبو الحسن قال: كان ثمامة الأنصاري عاملا لعثمان، فلما أتاه قتله بكى وقال:
اليوم انتزعت خلافة النّبوّة من أمّة محمد، وصار الملك بالسيف، فمن غلب على شيء أكله.
أبو الحسن: عن أبي مخنف عن نمير بن وعلة عن الشعبي، أن نائلة بنت الفرافصة امرأة عثمان بن عفان كتبت إلى معاوية كتابا مع النعمان بن بشير، وبعثت إليه بقميص عثمان مخضوبا بالدماء، وكان في كتابها:
«من نائلة بنت الفرافصة إلى معاوية بن أبي سفيان؛ أما بعد، فإني أدعوكم إلى الله الذي أنعم عليكم، وعلمكم الإسلام، وهداكم من الضلالة، وأنقذكم من الكفر ونصركم على العدوّ، وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة؛ وأنشدكم الله، وأذكّركم حقّه وحق خليفته أن تنصروه بعزم الله عليكم؛ فإنه قال: وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ
«٢» . وإن أمير المؤمنين بغي عليه، ولو لم يكن لعثمان عليكم إلا حقّ الولاة، [ثم أتي إليه ما أتي] لحقّ على كل مسلم يرجو إمامته أن ينصره فكيف وقد علمتم قدمه في الإسلام، وحسن بلائه، وأنه أجاب [داعي] الله وصدّق كتابه واتّبع رسوله، والله علم به إذ انتخبه فأعطاه شرف الدنيا وشرف الآخرة.
وإني أقص عليكم خبره؛ إني شاهدة أمره كلّه. إن أهل المدينة حصروه في داره، ويحرسونه ليلهم ونهارهم قياما على أبوابه بالسلاح، يمنعونه كل شيء قدروا عليه، حتى منعوه الماء؛ فمكث هو ومن معه خمسين ليلة، وأهل مصر قد أسندوا