أمرهم إلى علي، ومحمد بن أبي بكر، وعمار بن ياسر، وطلحة والزبير، فأمروهم بقتله؛ وكان معهم من القبائل: خزاعة، وسعد بن بكر، وهذيل، وطوائف من جهينة ومزينة وأنباط يثرب؛ فهؤلاء كانوا أشدّ الناس عليه.
ثم إنه حصر فرشق بالنّبل والحجارة، فجرح ممن كان في الدار ثلاثة نفر معه، فأتاه الناس يصرخون إليه ليأذن لهم في القتال، فنهاهم وأمرهم أن يردوا إليهم نبلهم، فردّوها عليهم، فما زادهم ذلك في القتل إلا جرأة، وفي الأمر إلا إغراقا؛ فحرّقوا باب الدار؛ ثم جاء [ثلاثة] نفر من أصحابه فقالوا: إن [في المسجد] ناسا يريدون أن يأخذوا أمر الناس بالعدل، فاخرج إلى المسجد يأتوك. فانطلق فجلس فيه ساعة وأسلحة القوم مظلة عليه من كل ناحية، فقال: ما أرى اليوم أحدا يعدل! فدخل الدار، وكان معه نفر ليس على عامتهم سلاح فلبس درعه وقال لأصحابه: لولا أنتم ما لبست اليوم درعي. فوثب عليه القوم فكلمهم ابن الزبير، وأخذ عليهم ميثاقا في صحيفة وبعث بها إلى عثمان: عليكم عهد الله وميثاقه أن لا تقربوه بسوء حتى تكلموه وتخرجوا. فوضع السلاح، ولم يكن إلا وضعه ودخل عليه القوم يقدمهم محمد ابن أبي بكر، فأخذوا بلحيته ودعوه باللقب؛ فقال: أبا عبد الله وخليفته عثمان.
فضربوه على رأسه ثلاث ضربات، وطعنوه في صدره ثلاث طعنات، وضربوه على مقدم الجبين فوق الأنف ضربة أسرعت في العظم؛ فسقطت عليه وقد أثخنوه وبه حياة، وهم يريدون أن يقطعوا رأسه فيذهبوا به، فأتتني ابنة شيبة بن ربيعة فألقت بنفسها معي [عليه] ، فوطئنا وطأ شديدا، وعرّينا من حلينا، وحرمة أمير المؤمنين أعظم؛ فقتلوا أمير المؤمنين في بيته مقهورا على فراشه، وقد أرسلت إليكم بثوبه عليه دمه، وإنه والله إن كان أثم من قتله لما سلم من خذله، فانظروا أين أنتم من الله، وأنا أشتكي على ما مسنا إلى الله عز وجل، وأستصرخ بصالحي عباده؛ فرحم الله عثمان ولعن قتلته وصرعهم في الدنيا مصارع الخزي والمذلة، وشفى منهم الصدور» .
فحلف رجال من أهل الشام ألا يمسوا غسلا حتى يقتلوا عليا أو تفنى أرواحهم