وكان قد خلع سيفه قبل أن يقوم إلى الخطبة، فأعاده على نفسه؛ فاضطرب الناس وخرجت الخوارج.
وقال أبو موسى لعمرو: لعنك الله! فإنّ مثلك كمثل الكلب: إن تحمل عليه يلهث وإن تتركه يلهث! فقال عمرو: لعنك الله! فإن مثلك كمثل الحمار يحمل أسفارا.
وخرج أبو موسى من فوره ذلك إلى مكة مستعيذا بها من عليّ، وحلف أن لا يكلمه أبدا؛ فأقام بمكة حينا حتى كتب إليه معاوية:
سلام عليك؛ أما بعد، فلو كانت النية تدفع الخطأ، لنجا المجتهد وأعذر الطالب؛ والحق لمن نصب «١» له فأصابه، وليس لمن عرض له فأخطأه؛ وقد كان الحكمان إذا حكما على عليّ لم يكن له الخيار عليهما، وقد اختاره القوم عليك، فاكره منهم ما كرهوا منك، وأقبل إلى الشام، فإني خير لك من على؛ ولا قوّة إلا بالله.
فكتب إليه أبو موسى:
سلام عليك؛ أما بعد، فإني لم يكن مني في علي، إلا ما كان من عمرو فيك، غير أني أردت بما صنعت ما عند الله، وأراد به عمرو ما عندك، وقد كان بيني وبينه شروط وشورى عن تراض، فلما رجع عمرو رجعت؛ أما قولك إن الحكمين إذا حكما على رجل لم يكن له الخيار عليهما؛ فإنما ذلك في الشاة والبعير والدينار والدرهم، فأما أمر هذه الأمة فليس لأحد فيما تكره حكم، ولن يذهب الحقّ عجز عاجز ولا خدعة فاجر، وأما دعاؤك إياي إلى الشام فليس لي رغبة عن حرم إبراهيم.
فبلغ عليا كتاب معاوية إلى أبي موسى الأشعري، فكتب إليه:
سلام عليك؛ أما بعد، فإنك امرؤ ضلّلك الهوى، واستدرجك الغرور، [فإنه من استقال الله أقاله] ، حقق بك حسن الظنّ لزومك بيت الله الحرام غير حاج ولا