للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكان عمرو بن العاص قد فهم رأي أبي موسى في عبد الله بن عمر؛ فقال له:

عبد الله بن عمر.

فقال: إنه لكما ذكرت، ولكن كيف لي بالوثيقة منك؟

فقال له: يا أبا موسى، أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ

«١» ؛ خذ من العهود والمواثيق حتى ترضى.

ثم لم يبق عمرو بن العاص عهدا ولا موثقا ولا يمينا مؤكدة حتى حلف بها، حتى بقي الشيخ مبهوتا، وقال له: قد أجبت! فنودى في الناس بالاجتماع إليهما فاجتمعوا.

فقال له عمرو: قم فأخطب الناس يا أبا موسى، فقال: قم أنت اخطبهم. فقال:

سبحان الله! أنا أتقدّمك وأنت شيخ أصحاب محمد! والله لا فعلت أبدا. قال: أو عسى في نفسك امر! - فزاده أيمانا وتوكيدا، حتى قام الشيخ فخطب الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:

أيها الناس، إني قد اجتمعت أنا وصاحبي على أن أخلع أنا عليّ بن أبي طالب، ويعزل هو معاوية بن أبي سفيان؛ ونجعل هذا الأمر لعبد الله بن عمر؛ فإنه لم يحضر في فتنة، ولم يغمس يده في دم امريء مسلم. ألا وإني قد خلعت عليّ بن أبي طالب كما أختلع سيفي هذا! ثم خلع سيفه من عاتقه وجلس، وقال لعمرو: قم. فقام عمرو بن العاص، فحمد الله وأثنى عليه، وقال:

أيها الناس، إنه قد كان من رأي صاحبي ما قد سمعتم، وإنه قد أشهدكم أنه خلع عليّ بن أبي طالب كما يخلع سيفه؛ وأنا أشهدكم أني قد أثبتّ معاوية بن أبي سفيان كما أثبت سيفي هذا!