فوجدناك عظيم الأمانة، ناصحّا للأمة؛ توفّر لهم فيئهم، وتكف نفسك عن دنياهم فلا تأكل أموالهم، ولا ترتشي بشيء في أحكامهم. وابن عمك قد أكل ما تحت يديه من غير علمك، فلم يسعني كتمانك ذلك، فانظر رحمك الله فيما هنالك، واكتب إليّ برأيك، فما أحببت أتّبعه إن شاء الله، والسلام.
فكتب إليه عليّ:
أما بعد، فمثلك نصح الإمام والأمة، [وادّى الأمانة] ووالي على الحق، وفارق الجور؛ وقد كتبت لصاحبك بما كتبت إليّ فيه [من أمره] ، ولم أعلمه بكتابك إليّ، فلا تدع إعلامي ما يكون بحضرتك، مما النظر فيه للأمة صلاح، فإنك بذلك جدير، وهو حق واجب لله عليك، والسلام.
وكتب عليّ إلى ابن عباس:
أما بعد، فإنه قد بلغني عنك أمر، إن كنت فعلته فقد أسخطت الله، وأخزيت أمانتك، وعصيت إمامك، وخنت المسلمين. بلغني أنك جردت «١» الأرض وأكلت ما تحت يدك، فارفع إليّ حسابك، واعلم أن حساب الله أعظم من حساب الناس والسلام.
فكتب إليه ابن عباس: أما بعد، فإن كل الذي بلغك باطل، وأنا لما تحت يدي ضابط، وعليه حافظ، فلا تصدق عليّ الظنين، والسلام.
فكتب إليه عليّ: أما بعد، فإنه لا يسعني تركك حتى تعلمني ما أخذت من الجزية: من أين أخذته؟ وما وضعت منها: أين وضعته؟ فاتق الله فيما ائتمنتك عليه واسترعيتك إياه، فإن المتاع بما أنت رازمه «٢» قليل، وتباعته وبيلة لا تبيد، والسلام.
فلما رأى أن عليا غير مقلع عنه كتب إليه: أما بعد، فإنه بلغني تعظيمك عليّ