فقدموا عليهم ابن مجاعة فقاتلهم، فحمل عليه الضحاك بن عبد الله فطعنه في كتفه فصرعه، فسقط إلى الأرض بغير قتل. وحمل سلمة بن ذؤيب السعدي على الضحاك فصرعه أيضا، وكثرت بينهم الجراح من غير قتل.
فقال الأخماس الذين اعتزلوا: والله ما صنعتم شيئا، اعتزلتم قتالهم وتركتموهم يتشاجرون. فجاؤا حتى صرفوا وجوه بعضهم عن بعض، وقالوا لبني تميم: والله إن هذا للؤم قبيح، لنحن أسخى أنفسا منكم حين تركنا أموالنا لبني عمكم وأنتم تقاتلونهم عليها، خلوا عنهم وأرواحهم، فإن القوم فدحوا «١» . فانصرفوا عنهم.
ومضى معه ناس من قيس، فيهم الضحاك بن عبد الله، وعبد الله بن رزين، حتى قدموا الحجاز فنزل مكة، فجعل راجز لعبد الله بن عباس يسوق له في الطريق ويقول:
صبّحت من كاظمة القصر الخرب ... مع ابن عباس بن عبد المطلب «٢»
وجعل ابن عباس يرتجز ويقول:
آوي إلى أهلك يا رباب ... آوي فقد حان لك الإياب
وجعل أيضا يرتجز ويقول:
وهنّ يمشين بنا هميسا ... إن يصدق الطير ننك لميسا «٣»
فقال له: يا أبا العباس، أمثلك يرفث «٤» في هذا الموضع؟ قال: إنما الرفث ما يقال عند النساء.
قال أبو محمد: فلما نزل مكة اشترى من عطاء بن جبير مولى بني كعب من جواريه ثلاث مولدات حجازيات يقال لهن: شادن، وحوراء، وفتون، بثلاثة آلاف دينار.