أمير المؤمنين هذا- وأشار إلى معاوية- فإن هلك فهذا- وأشار إلى يزيد- فمن أبي فهذا- وأشار إلى سيفه:
فقال معاوية: اجلس فإنك سيد الخطباء.
ثم تكلم الأحنف بن قيس فقال:
يا أمير المؤمنين، أنت أعلم بيزيد في ليله ونهاره، وسرّه وعلانيته، ومدخله ومخرجه، فإن كنت تعلمه لله رضا، ولهذه الأمة، فلا تشاور الناس فيه؛ وإن كنت تعلم منه غير ذلك فلا تزوّده الدنيا وأنت تذهب إلى الآخرة.
قال: فتفرق الناس ولم يذكروا إلا كلام الأحنف.
قال: ثم بايع الناس ليزيد بن معاوية، فقال رجل وقد دعي إلى البيعة: اللهم إني أعوذ بك من شرّ معاوية.
فقال له معاوية: تعوّذ من شرّ نفسك، فإنه أشدّ عليك، وبايع.
قال: إني أبايع وأنا كاره للبيعة.
قال له معاوية: بايع أيها الرجل، فإن الله يقول: فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً
«١» .
ثم كتب إلى مروان بن الحكم عامله على المدينة أن ادع أهل المدينة إلى بيعة يزيد؛ فإن أهل الشام والعراق قد بايعوا.
فخطبهم مروان فحضّهم على الطاعة وحذّرهم الفتنة، ودعاهم إلى بيعة يزيد، وقال: سنة أبي بكر الهادية المهدية.
فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر: كذبت، إن أبا بكر ترك الأهل والعشيرة وبايع لرجل من بني عدي رضي دينه وأمانته، واختاره لأمة محمد صلّى الله عليه وسلم.
فقال مروان: أيها الناس، إن هذا المتكلم هو الذي أنزل الله فيه: وَالَّذِي قالَ