ووفدت الناس للحسين يقولون: يا أبا عبد الله، لو تقدّمت فصليت بالناس فأنزلتهم بدارك! إذ جاء المؤذن فأقام الصلاة، فتقدّم عمرو بن سعيد فكبر، فقيل للحسين: اخرج أبا عبد الله إذ أبيت أن تتقدّم. فقال: الصلاة في الجماعة أفضل. قال:
فصلى، ثم خرج، فلما انصرف عمرو بن سعيد بلغه أنّ حسينا قد خرج، فقال:
اطلبوه، اركبوا كل بعير بين السماء والأرض فاطلبوه! قال: فعجب الناس من قوله هذا، فطلبوه، فلم يدركوه.
وأرسل عبد الله بن جعفر ابنيه عونا ومحمدا ليردّا حسينا، فأبى حسين أن يرجع وخرج بابني عبد الله بن جعفر معه.
ورجع عمرو بن سعد إلى المدينة، وأرسل إلى ابن الزبير ليأتيه، فأبى أن يأتيه، وامتنع ابن الزبير برجال من قريش وغيرهم من أهل مكة، قال: فأرسل عمرو بن سعد لهم جيشا من المدينة، وامّر عليهم عمرو بن الزبير أخا عبد الله بن الزبير، وضرب على أهل الديوان البعث الى أهل مكة وهم كارهون للخروج، فقال: إما أن تأتوني بأدلّاء وإما أن تخرجوا. قال: فبعثهم إلى مكة، فقاتلوا ابن الزبير، فانهزم عمرو بن الزبير وأسره أخوه عبد الله فحبسه في السجن.
وقد كان بعث الحسين بن علي مسلم بن عقيل بن أبي طالب إلى أهل الكوفة ليأخذ بيعتهم، وكان على الكوفة حين مات معاوية، فقال:
يأهل الكوفة، ابن بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم أحبّ إلينا من ابن بنت بحدل.
قال: فبلغ ذلك يزيد؛ فقال: يأهل الشام، أشيروا عليّ، من أستعمل على الكوفة؟ فقالوا: ترضى من رضي به معاوية؟ قال: نعم. قيل له: فإنّ الصك بإمارة عبيد الله بن زياد على العراقين قد كتب في الديوان. فاستعمله على الكوفة، فقدمها قبل أن يقدم حسين.
وبايع مسلم بن عقيل أكثر من ثلاثين ألفا من أهل الكوفة، وخرجوا معه يريدون