للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبيد الله بن زياد، فجعلوا كلما انتهوا إلى زقاق انسل منهم ناس، حتى بقي في شرذمة قليلة. قال: فجعل الناس يرمونه بالآجرّ من فوق البيوت؛ فلما رأى ذلك دخل دار هانيء بن عروة المرادي، وكان له شرف ورأي؛ فقال له هانيء: إن لي من ابن زياد مكانا، وإني سوف أتمارض، فإذا جاء يعودني فاضرب عنقه. قال: فبلغ ابن زياد أنّ هانيء بن عروة مريض يقيء الدم، وكان شرب المغرة «١» فجعل يقيئها، فجاء ابن زياد يعوده وقال هانيء: إذا قلت لكم اسقوني، فاخرج إليه فاضرب عنقه- يقولها لمسلم بن عقيل- فلما دخل ابن زياد وجلس، قال هانيء: اسقوني! فتثبّطوا عليه، فقال: ويحكم! اسقوني ولو كان فيه نفسي! قال: فخرج ابن زياد ولم يصنع الآخر شيئا. قال: وكان أشجع الناس ولكن أخذ بقلبه.

وقيل لابن زياد ما أراده هانيء، فأرسل إليه، فقال: إني شاك لا أستطيع. فقال:

ائتوني به وإن كا شاكيا. فأسرجت له دابة فركب ومعه عصا. وكان أعرج، فجعل يسير قليلا قليلا، ثم يقف ويقول: ما أذهب إلى ابن زياد، حتى دخل على ابن زياد فقال له: يا هانيء، أما كانت يد زياد عندك بيضاء؟ قال بلى: قال: ويدي؟ قال:

بلى. ثم قال له هانيء: قد كانت له عندي ولأبيك وقد آمنتك في نفسك ومالك.

قال: اخرج. فخرج، فتناول العصا من يده وضرب بها وجهه حتى كسرها، ثم قدّمه فضرب عنقه.

وأرسل إلى مسلم بن عقيل، فخرج إليهم بسيفه؛ فما زال يقاتلهم حتى أثخنوه بالجراح، فأسروه.

وأتي به ابن زياد فقدمه ليضرب عنقه. فقال له: دعني حتى أوصي. فقال له:

أوص. فنظر في وجوه الناس، فقال لعمر بن سعد: ما أرى قريشا هنا غيرك فادن مني حتى أكلمك. فدنا منه، فقال له هل لك أن تكون سيد قريش ما كانت قريش؟ إن حسينا ومن معه- وهم تسعون إنسانا ما بين رجل وامرأة- في الطريق؛