فوضع أبو سعيد السيف وقال: بؤ «١» بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار، وذلك جزاء الظالمين! فقال: أبو سعيد الخدريّ أنت؟ قال: نعم. قال: فاستغفر لي! قال:
غفر الله لك.
وأمر مسلم بن عقبة بقتل معقل بن سنان الأشجعي صبرا، ومحمد بن أبي الجهم العدويّ صبرا.
وكان جميع من قتل يوم الحرة من قريش والأنصار ثلاثمائة رجل وستة رجال، ومن الموالي وغيرهم أضعاف هؤلاء.
وبعث مسلم بن عقبة برءوس أهل المدينة إلى يزيد، فلما ألقيت بين يديه جعل يتمثل بقول ابن الزبعرى يوم أحد:
ليت أشياخي ببدر شهدوا ... جزع الخزرج من وقع الأسل
لأهلّوا واستهلّوا فرحا ... ولقالوا ليزيد لا فشل
فقال له رجل من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ارتددت عن الإسلام يا أمير المؤمنين! قال: بلى نستغفر الله. قال: والله لا ساكنتك أرضا أبدا. وخرج عنه.
ولما انقضى أمر الحرّة توجه مسلم بن عقبة بمن معه من أهل الشام إلى مكة يريد ابن الزبير وهو ثقيل، فلما كان بالأبواء «٢» حضره أجله. فدعا حصين بن نمير، فقال له: إني أرسلت إليك، فلا أدري أقدّمك على هذا الجيش، أو أقدمك فأضرب عنقك! قال: أصلحك الله، أنا سهمك، فارم بي حيث شئت. قال: إنك اعرابي جلف «٣» جاف، وإنّ هذا الحي من قريش لم يمكنهم أحد قط من أذنه إلا غلبوه على رأيه، فسر بهذا الجيش، فإذا لقيت القوم، فإياك أن تمكنهم من أذنك، لا يكن إلا على الوقاف «٤» ، ثم الثقاف «٥» ، ثم الانصراف.