وكتب محمد بن الحنفية ببيعته لما قتل ابن الزبير، وكان في كتابه:
إني اعتزلت الأمة عند اختلافها، فقعدت في البلد الحرام الذي من دخله كان آمنا، لأحرز ديني، وأمنع دمي، وتركت الناس قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلًا
«١» . وقد رأيت الناس قد اجتمعوا عليك، ونحن عصابة من أمتنا لا نفارق الجماعة؛ وقد بعثت إليك منا رسولا ليأخذ لنا منك ميثاقا، ونحن أحق بذلك منك، فإن أبيت فأرض الله واسعة، والعاقبة للمتقين.
فكتب إليه عبد الملك: قد بلغني كتابك بما سألته من الميثاق لك وللعصابة التي معك، فلك عهد الله وميثاقه أن لا تهاج في سلطاننا، غائبا ولا شاهدا ولا أحد من أصحابك ما وفوا ببيعتهم، فإن أحببت المقام بالحجاز فأقم، فلن ندع صلتك وبرّك؛ وإن أحببت المقام عندنا فاشخص إلينا، فلن ندع مواساتك؛ ولعمري لئن ألجأناك إلى الذهاب في الأرض خائفا لقد ظلمناك وقطعنا رحمك؛ فاخرج إلى الحجاج فبايع، فإنك أنت المحمود عندنا دينا ورأيا، وخير من ابن الزبير وأرضي وأتقى.
وكتب إلى الحجاج بن يوسف:
لا تعرض لمحمد ولا لأحد من أصحابه.
وكان في كتابه:
جنّبني دماء بني عبد المطلب؛ فليس فيها شفاء من الحرب «٢» ؛ وإني رأيت بني حرب سلبوا ملكهم لما قتلوا الحسين بن علي.
فلم يتعرض الحجاج لأحد من الطالبيين في أيامه.
أبو الحسن المدائني قال: كان يقال: معاوية أحلم، وعبد الملك أحزم.