للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخطب الناس عبد الملك فقال: أيها الناس إني والله ما أنا بالخليفة المستضعف- يريد عثمان بن عفان- ولا بالخليفة المداهن- يريد معاوية بن أبي سفيان- ولا بالخليفة المأفون «١» - يريد يزيد بن معاوية- فمن قال برأسه كذا، قلنا بسيفنا كذا! ثم نزل.

وخطب عبد الملك على المنبر فقال: أيها الناس، إن الله حد حدودا، وفرض فروضا؛ فما زلتم تزدادون في الذنب ونزداد في العقوبة، حتى اجتمعنا نحن وأنتم عند السيف! أبو الحسن المدائني قال: قدم عمر بن أبي طالب على عبد الملك، فسأله أن يصيّر إليه صدقة علي، فقال عبد الملك متمثلا بأبيات ابن أبي الحقيق:

إني إذا مالت دواعي الهوى ... وأنصت السّامع للقائل

واعتلج الناس بآرائهم ... نقضي بحكم عادل فاصل «٢»

لا نجعل الباطل حقاّ ولا ... نرضى بدون الحقّ للباطل

لا، لعمري لا نخرجها من ولد الحسين إليك. وأمر له بصلة، ورجع.

وقال عبد الملك بن مروان لأيمن بن خريم: إن أباك وعمك كانت لهما صحبة؛ فخذ هذا المال فقاتل ابن الزبير. فأبى، فشتمه عبد الملك، فخرج وهو يقول:

فلست بقاتل رجلا يصلّي ... على سلطان آخر من قريش

له سلطانه وعليّ إثمي ... معاذ الله عن سفه وطيش

وقال أيمن بن خريم أيضا:

إنّ للفتنة هيطا بيّنا ... فرويد الميل منها يعتدل «٣»

فإذا كان عطاء فانتهز ... وإذا كان قتال فاعتزل

إنما يوقدها فرسانها ... حطب النار فدعها تشتعل