ولما توطد لابن الزبير أمره وملك الحرمين والعراقين، أظهر بعض بني هاشم الطعن عليه؛ وذلك بعد موت الحسن والحسين؛ فدعا عبد الله بن عباس ومحمد بن الحنفية وجماعة من بني هاشم إلى بيعته، فأبوا عليه، فجعل يشتمهم ويتناولهم على المنبر، وأسقط ذكر النبي صلّى الله عليه وسلم من خطبته، فعوتب في ذلك، فقال: والله ما يمنعني من ذكره علانية أني لأذكره سرا وأصلي عليه، ولكن رأيت هذا الحي من بني هاشم إذا سمعوا ذكره سرا وأصلي عليه، ولكن رأيت هذا الحي من بني هاشم إذا سمعوا ذكره اشرأبت أعناقهم، وأبغض الأشياء إليّ ما يسرّهم، ثم قال لتبايعنّ أو لأحرقنّكم بالنار! فأبوا عليه، فحبس محمد بن الحنفية في خمسة عشر من بني هاشم في السجن، وكان السجن الذي حبسهم فيه يقال له سجن عارم «١» ؛ فقال في ذلك كثيّر عزة- وكان ابن الزبير يدعى العائذ، لأنه عاذ بالبيت-:
تخبّر من لاقيت أنك عائذ ... بل العائذ المظلوم في سجن عارم «٢»
سميّ النّبيّ المصطفى وابن عمّه ... وفكّاك أغلال وقاضي مغارم
وكان أيضا يدعى المحل، لإحلاله القتال في الحرم، وفي ذلك يقول رجل من الشعراء في رملة بنت الزبير:
ألا من لقلب معنى غزل ... بذكر المحلة أخت المحلّ
ثم إن المختار بن أبي عبيد وجّه رجالا يثق بهم من الشيعة يكمنون النهار ويسيرون الليل، حتى كسروا سجن عارم واستخرجوا منه بني هاشم؛ ثم ساروا بهم إلى مأمنهم.
وخطب عبد الله بن الزبير بعد موت الحسن والحسين، فقال:
أيها الناس، إن فيكم رجلا قد أعمى الله قلبه كما أعمى بصره، قاتل أمّ المؤمنين وحواريّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأفتى بتزويج المتعة.