فقال: مه! والله ما أعطيتك إياها حتى رأيتك أهلا لها، وما رأيت أحدا أولى بها منك، فلا تضرب هذه الصلعة فتيان بني أمية أبدا. وأشار إلى رأسه. قال: فحدثت سليمان بن عبد الملك حديثه فقال: إن كنت لأراه أعرج جبانا!.
فلما كانت الليلة التي قتل في صباحها ابن الزبير، أقبل عبد الله بن صفوان وقد دنا أهل الشام من المسجد فاستأذن، فقالت الجارية: هو نائم! فقال أو ليلة نوم هذه؟
أيقظيه! فلم تفعل، فأقام ثم استأذن، فقالت: هو نائم! فانصرف، ثم رجع آخر الليل وقد هجم القوم على المسجد؛ فخرج إليه فقال: والله ما نمت منذ عقلت الصلاة نومي هذه الليلة وليلة الجمل! ثم دعا بالسواك «١» فاستاك متمكنا، ثم توضأ متمكنا، ولبس ثيابه؛ ثم قال: أنظرني حتى أودع أمّ عبد الله فلم يبق شيء! وكان يكره أن يأتيها فتعزم عليه أن يأخذ الأمان؛ فدخل عليها وقد كفّ بصرها فسلم، فقالت: من هذا؟
فقال: عبد الله! فتشمّمته ثم قالت: يا بنيّ، مت كريما! فقال لها: إن هذا قد أمّنني.
يعني الحجاج. قالت: يا بنيّ لا ترض الدنية، فإن الموت لا بدّ منه! قال: إني أخاف أن يمثّل بي. قالت: إن الكبش إذا ذبح لم يأ [لم] من السلخ! قال: فخرج فقاتل قتالا شديدا، فجعل يهزمهم ثم يرجع ويقول: يا له فتحا لو كان له رجال. لو كان المصعب أخي حيا.
فلما حضرت الصلاة صلى صلاته، ثم قال: أين باب أهل مصر؟ حنقا لعثمان فقاتل حتى قتل، وقتل معه عبد الله بن صفوان.
وأتي برأسه الحجاج وهو فاتح عينيه وفاه، فقال: هذا رجل لم يكن يعرف القتل ولا ما يصير إليه؛ فلذلك فتح عينيه وفاه.
هشام بن عروة عن أبيه، أن عبد الله بن الزبير كان أول مولود ولد في الإسلام، فلما ولد كبّر النبي صلّى الله عليه وسلم وأصحابه، ولما قتل كبّر الحجاج بن يوسف، وأهل الشام معه؛ فقال ابن عمرو: ما هذا؟ قالوا: كبّر أهل الشام لقتل عبد الله بن الزبير! قال: