فلما مات عمر بن عبد العزيز ولاه يزيد بن عبد الملك أفريقية وأنا فيها، فأخذت فأتي به إليه في شهر رمضان عند الليل، فقال: محمد بن يزيد؟ قلت: نعم. قال: الحمد لله الذي مكنني منك بلا عهد ولا عقد، فطالما سألت الله أن يمكنني منك! قلت: وأنا والله طالما استعذت بالله منك! قال: فو الله ما أعاذك الله مني، ولو أنّ ملك الموت سابقني إليك لسبقته! قال: فأقيمت صلاة المغرب، فصلى ركعة فثارت عليه الجند فقتلوه، وقالوا لي: خذ إلى الطريق أيّ طريق شئت.
وأراد سليمان بن عبد الملك أن يحجر على يزيد بن عبد الملك، وذلك أنّه تزوّج سعدى بنت عبد الله بن عمرو بن عثمان فأصدقها عشرين ألف دينار، واشترى جارية بأربعة آلاف دينار؛ فقال سليمان: لقد هممت أن أضرب على يد هذا السفيه، ولكن كيف أصنع بوصية أمير المؤمنين بابني عاتكة: يزيد ومروان؟
وحبس سليمان بن عبد الملك، موسى بن نصير، وأوحى إليه: اغرم «١» ديتك خمسين مرة! فقال موسى: ما عندي ما أغرمه. فقال: والله لتغرمنّها مائة مرة فحملها عنه يزيد بن المهلب، وشكر ما كان من موسى إلى أبيه المهلب أيام بشر بن مروان؛ وذلك أن بشرا هم بالمهلب؛ فكتب إليه موسى يحذّره، فتمارض المهلب ولم يأته حين أرسل إليه.
وكان خالد بن عبد الله القسري واليا على المدينة للوليد ثم أقرّه سليمان؛ وكان قاضي مكة طلحة بن هرم؛ فاختصم إليه رجل من بني شيبة الذين إليهم مفتاح الكعبة يقال له الأعجم، مع ابن أخ له في أرض لهما، فقضى للشيخ على ابن أخيه، وكان متصلا بخالد بن عبد الله، فأقبل إلى خالد فأخبره؛ فحال خالد بين الشيخ وبين ما قضى له القاضي؛ فكتب القاضي كتابا إلى سليمان يشكو له خالدا. ووجّه الكتاب إليه مع محمد بن طلحة؛ فكتب سليمان إلى خالد: لا سبيل لك على الأعجم ولا ولده.
فقدم محمد بن طلحة بالكتاب على خالد وقال لا سبيل لك علينا؛ هذا كتاب أمير