للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المؤمنين. فأمر به خالد فضرب مائة سوط قبل أن يقرأ كتاب سليمان؛ فبعث القاضي ابنه المضروب إلى سليمان؛ وبعث ثيابه التي ضرب فيها بدمائها؛ فأمر سليمان بقطع يد خالد فكلمه يزيد بن المهلب وقال: إن كان ضربه يا أمير المؤمنين بعد ما قرأ الكتاب تقطع يده، وإن كان ضربه قبل ذلك فعفو أمير المؤمنين أولى بذلك. فكتب سليمان إلى داود بن طلحة بن هرم: إن كان ضرب الشيخ بعد ما قرأ الكتاب الذي أرسلته فاقطع يده، وإن كان ضربه قبل أن يقرأ كتابي فاضربه مائة سوط. فأخذ داود بن طلحة- لما قرأ الكتاب- خالدا فضربه مائة سوط؛ فجزع خالد من الضرب فجعل يرفع يديه؛ فقال له الفرزدق: ضم إليك يديك يا بن النصرانية! فقال خالد: ليهنأ الفرزدق، وضمّ يديه. وقال الفرزدق:

لعمري لقد صبّت على متن خالد ... شآبيب لم يصببن من صيّب القطر «١»

فلولا يزيد بن المهلّب حلّقت ... بكفّك فتخاء الجناح إلى الوكر «٢»

فردّت أمّ خالد عليه تقول:

لعمري لقد باع الفرزدق عرضه ... بخسف وصلى وجهه حامي الجمر

فكيف يساوي خالدا أو يشينه ... خميص من التّقوى بطين من الخمر «٣»

وقال الفرزدق أيضا في خالد القسري:

سلوا خالدا، لا قدّس الله خالدا ... متى ملكت قسر قريشا تدينها؟

أقبل رسول الله أو بعد عهده؟ ... فتلك قريش قد أغثّ سمينها

رجونا هداه؛ لا هدى الله قلبه ... وما أمّه بالأمّ يهدى جنينها

فلم يزل خالد محبوسا بمكة حتى حج سليمان وكلمه فيه المفضّل بن المهلب؛ فقال سليمان: لاطت «٤» بك الرحم أبا عثمان؛ إن خالدا جرّعني غيظا! قال: يا أمير