هشام، فتكلم إبراهيم بكلمة فيها بعض الخرق، فقال: الحمد لله الذي أبان للناس ظلمك! فقال هشام: لقد هممت أن أضربك ضربة ينثر منها لحمك عن عظمك! قال: أما والله لئن فعلت لتفعلنّه بشيخ كبير السنّ، قريب القرابة، واجب الحق. قال له: استرها عليّ يا إبراهيم! قال: لا ستر الله عليّ ذنبي إذا يوم القيامة. قال: إني معطيك عليها مائة ألف ... قال إبراهيم: فسترتها عليه طول حياته ثمنا لما أخذت منه، وأذعتها عنه بعد موته تزيينا له.
وذكروا عن الهيثم بن عدي قال: كان سعيد بن هشام بن عبد الملك عاملا لأبيه على حمص، وكان يرمى بالنساء والشراب، فقدم حمصيّ لهشام، فلقيه أبو جعد الطائي في طريق، فقال له: هل ترى أن أعطيك هذه الفرس- فإني لا أعلم بمكان مثلها- على أن تبلغ هذا الكتاب أمير المؤمنين، ليس فيه حاجة بمسألة دينار ولا درهم؟ فأخذها وأخذ الكتاب، فلما قدم على هشام سأله: ما قصة هذا الفرس؟
فأخبره؛ فقال: هات الكتاب، فإذا فيه:
أبلغ إليك أمير المؤمنين فقد ... أمددتنا بأمير ليس عنّينا»
طورا يخالف عمرا في حليلته ... وعند ساحته يسقي الطّلا دينا «٢»
فلما قرأ الكتاب بعث إلى سعيد فأشخصه؛ فلما قدم عليه علاه بالخيزرانة وقال: يا بن الخبيثة، تزني وأنت ابن أمير المؤمنين! ويلك! أعجزت أن تفجر فجور قريش؟
أو تدري ما فجور قريش لا أم لك؟ قتل هذا، وأخذ مال هذا؛ والله لا تلي لي عملا حتى تموت! قال: قال: فما ولي له عملا حتى مات.
أحمد بن عبيد قال: أخبرني هشام الكلبي عن أبي محمد بن سفيان القرشيّ عن أبيه قال: كنا عند هشام بن عبد الملك وقد وفد عليه وفد أهل الحجاز، وكان شباب الكتاب إذا قدم الوفد حضروا لاستماع بلاغة خطبائهم، فحضرت كلامهم، حتى قام