للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: يا جارية، لمن أنت؟ فقالت: كنت لآل الوليد بن عقبة بالمدينة، فاشتراني مولاي، وهو من بني عامر بن صعصعة أحد بني الوحيد من بني كلاب، وعنده بنت عم له، فوهبني لها، فأمرتني أن أستقي لها. فقال لها: فلمن الشعر؟ قالت: سمعت بالمدينة أن الشعر للأحوص والغناء لمعبد. فقال معبد للأحوص: قل شيئا أغني عليه.

فقال:

إنّ زين الغدير من كسر الجرّ ... وغنّى غناء فحل مجيد

قلت: من أنت يا مليحة؟ قالت: ... كنت فيما مضى لآل الوليد

ثم قد صرت بعد عزّ قريش ... في بني عامر لآل الوحيد

وغنائي لمعبد ونشيدي ... لفتى الناس الأحوص الصّنديد «١»

فتضاحكتّ ثم قلت أنا الأحوص ... والشيخ معبد فأعيدي

فأعادت وأحسنت ثم ولت ... تتهادى فقلت أمّ سعيد

يقصر المال عن شراك ولكن ... أنت في ذمّة الإمام الوليد

وأم سعيد كانت للأحوص بالمدينة.

فغنى معبد على الشعر، فقال: ما هذا؟ فأخبراه، فاشتراها الوليد.

قال أبو الحسن: وقال ابن أبي الزناد: إني كنت عند هشام وعنده الزهري، فذكرا الوليد فتنقّصاه وعاباه عيبا شديدا، ولم أعرض لشيء مما كان فيه، فاستأذن فأذن له، فدخل وأنا أعرف الغضب في وجهه، فجلس قليلا ثم قام؛ فلما مات هشام كتب فيّ، فحملت إليه، فرحب بي وقال: كيف حالك يا بن ذكوان؟ وألطف المسألة، ثم قال:

أتذكر هشاما الأحول وعنده الفاسق الزهري وهما يعيباني؟ فقلت: أذكر ذلك، ولم أعرض لشيء مما كانا فيه. قال: صدقت، أرأيت الغلام الذي كان على رأس هشام قائما؟ قلت: نعم. قال: فإنه نمّ إليّ بما قالاه، وايم الله لو بقي الفاسق الزهري لقتلته.

قلت: قد عرفت الغضب في وجهك حين دخلت. قال: يا بن ذكوان، ذهب الأحول!