الحرون، فقال، كنت معه أنا ومولى له، فصرع فجررت برجله، فقال: أوجعتني! فقاتلت أنا ومولاه عنه؛ وعلموا أنه مروان فألحوا عليه، فتركته ولحقت بكم. فبكى عبد الله، فقال له أخوه عبيد الله: يا ألأم الناس! فررت عنه وتبكي عليه؟ ومضوا، فقال بعضهم: كانوا أربعة آلاف. وقال بعضهم: كانوا ألفين، فأتوا بلاد النوبة، فأجرى عليهم ملك النوبة ما يصلحهم، ومعهم أم خالد بنت يزيد، وأم الحكم بنت عبيد الله- صبية جاء بها رجل من عسكر مروان حين انهزموا- فدفعها إلى أبيها.
ثم أجمع ابنا مروان على أن يأتيا اليمن، وقالا: نأتيها قبل أن يأتيها المسوّدة «١» فنتحصّن في حصونها وندعو الناس. فقال لهم صاحب النوبة لا تفعلوا إنكم في بلاد السودان وهم في عدد كثير، ولا آمن عليكم؛ فأقيموا. فأبوا، قال: فاكتبوا لي كتابا، فكتبوا له: إنا قدمنا بلادك فأحسنت مثوانا، وأشرت علينا أن لا نخرج من بلادك، فأبينا، وخرجنا من عندك وافرين راضين شاكرين لك بطيب أنفسنا.
وخرجوا فأخذوا في بلاد العدو، فكانوا ربما عرضوا لهم ولا يأخذون منهم إلا السلاح، وأكثر من ذلك لا يعرضون له؛ حتى أتوا بعض بلادهم فتلقاهم عظيمهم فاحتبسهم، فطلبوا الماء فمنعهم، ولم يقاتلهم ولم يخلّهم وعطشهم، وكان يبيعهم القربة بخمسين درهما، حتى أخذ منهم مالا عظيما.
ثم خرجوا فساروا حتى عرض لهم جبل عظيم بين طريقين فسلك عبد الله أحدهما في طائفة، وسلك عبيد الله الآخر في طائفة أخرى، وظنوا أن للجبل غابة يقطعونها ثم يجتمعون عند آخرها، فلم يلتقوا.
وعرض قوم من العدو لعبيد الله وأصحابه فقاتلوهم، فقتل عبيد الله، وأخذت أم الحكم بنته وهي صبية، وقتل رجل من أصحابه، وكفوا عن الباقين وأخذوا سلاحهم.