وكتب عبد الرحمن بن الشمر إلى الأمير محمد بن عبد الرحمن في حياة أبيه عبد الرحمن- وكان يتجنب الوقوف ببابه مخافة نصر الفتى- فلما مات نصر كتب ابن الشمر هذه الأبيات إلى محمد يقول فيها:
لئن غاب وجهي عنك إنّ مودّتي ... لشاهدة في كلّ يوم تسلّم
وما عاقني إلا عدوّ مسلّط ... يذلّ ويقصي من يشاء ويرغم
ولم يستطل إلا بكم وبعزّكم ... ولا ينبغي أن يمنح العزّ مجرم
فمكنتموه فاستطال عليكم ... وكادت بنا نيرانه تتضرّم
كذلك كلب السّوء إن يشبع انبرى ... لمشبعه مستشليا يترمرم «١»
فجمّع إخوانا لصوصا أراذلا ... ومنّاهم أن يقتلونا ويغنموا
رأى بأمين الله سقما فغرّه ... ولم يك يدري أنّه يتقدّم
فنحمد رباّ سرّنا بهلاكه ... فما زال بالإحسان والطّول ينعم
أراد يكيد الله نصر فكاده ... ولله كيد يغلب الكيد، مبرم
بكى الكفر والشّيطان نصرا فأعولا ... كما ضحكت شوقا إليه جهنّم
وكانت له في كلّ شهر جباية ... جباية آلاف تعد وتخّتم
فهل حائط الإسلام يوما يسومهم ... بما اجترموا يوما عليه وأقدموا «٢»
وينهبنا أموالهم وهو فاعل ... فإني أرى الدّنيا له تتبسم
ألا أيّها النّاس اسمعوا قول ناصح ... حريص عليكم مشفق وتفهّموا
محمّد نور يستضاء بوجهه ... وسيف بكفّ الله ماض مصمّ
فكونوا له مثل البنين يكن لكم ... أبا حدبا في الرحم بل هو أرحم «٣»
فيا بن أمين الله لا زلت سالما ... معافّي فإنا ما سلمت سنسلم
ألست المرجّى من أمية والذي ... له المجد منها الأتلد المتقدّم «٤»